من باري رسالة رجاء إلى المتوسط
"المتوسط لا يقتصر على الجمال وليد تلاقي الاختلافات لأنه مطبوع أيضاً بالعنف الناجم عن لعبة القوى والمصالح المتضاربة والمخاوف التي يمكن أن تغذّيها هذه الاختلافات". بهذه الكلمات افتتح الأعمالَ الكاردينال باسيتّي، رئيس مجلس أساقفة إيطاليا وأسقف أبرشية بيروجيا شيتا ديلا بييفيه، مقدماً صورة قوية ومؤلمة شاء أن يُطلق من خلالها اللقاء الروحي والتأملي الذي يستضيفه قصر "سفيفو" في باري، ويشهد – على مدى خمسة أيام – مشاركة ثمانية وخمسين أسقفاً وبطريركاً من عشرين بلداً مطلاً على البحر الأبيض المتوسط. ويرى البعض أن هذا اللقاء يُمكن اعتباره سينودسا مصغراً يتطرق خلاله الأساقفة إلى قضايا متعلقة بالأخوّة والسلام والحرية الدينية، بالإضافة إلى أوضاع الكنائس المحلية وعلاقتها مع الكنائس الشقيقة.
الكاردينال باسيتي سلط الضوء على ضرورة أن تكون الكنيسة نبويّة، ترتكز إلى التطويبات الموجهة إلى الفقراء والجياع والمتعطشين إلى البر، بغية التصدي للعنف والفقر والأزمات السياسية المتنامية في الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط. هذا ثم لفت نيافته إلى أهمية الإقرار بأن الانقسامات الكنسيّة قوّت ومتّنت الانقسامات الثقافية والسياسية والعسكرية لشعوب المتوسط. واستشهد باسيتي بعمدة فلورنسا الأسبق جورجيو لا بيرا الذي كان يطالب بأن يعود المتوسط كما كان في الماضي، مؤكدا أن هذه المسؤولية ملقاة أيضا على عاتق المجتمع المدني والقادة السياسيين.
أعمال اللقاء التي انطلقت أمس الأربعاء وتستغرق لغاية يوم الأحد المقبل الثالث والعشرين من الجاري تتخللها جلسات حوار وإصغاءٍ ومناقشات. هذا فضلا عن الصلاة الجماعية والاحتفال بالقداس الصباحي كل يوم في بازيليك القديس نيقولا. عن هذا الموضوع تحدث المطران أنتونيو راسبانتي، أسقف أبرشية أشيرياليه ونائب رئيس مجلس أساقفة إيطاليا ومنسق لقاء باري. قال سيادته إن الإنجيل يدفعنا إلى الانفتاح على الحوار لكنه أشار إلى أن هذا الأمر لا يتحقق ولا نستطيع أن ننفتح على الآخرين إن لم نقبل رسالة الإنجيل قبل كل شيء. وأكد المطران راسبانتي أن رسالة الكرازة بالإنجيل تنبع من الإصغاء إلى كلمة الله والصلاة.
سيَختتم لقاءَ باري البابا فرنسيس يوم الأحد المقبل من خلال الاحتفال بالقداس كما ستُعرض عليه نتائج وخلاصة الأعمال من خلال وثيقة ستأتي ثمرةَ النقاشات والحوار. سيتوجه البابا إلى باري صباح الأحد على متن طائرة مروحية حيث سيكون في استقباله رئيس أساقفة باري المطران كاكوتشي، وممثلون عن السلطات المدنية. وسينتقل بعد ذلك إلى كاتدرائية القديس نيقولا حيث يلتقي أساقفة المتوسط ويوجّه لهم كلمة قبل أن يزور ضريح القديس نيقولا، ويحتفل بالقداس في وسط مدينة باري ومن ثم يغادر عائداً أدراجه إلى روما.