بحث

السفير البابوي في لبنان يقول إن رجاء البلاد يتطلب ارتداد القلوب وتقديم فسحة أكبر للشبان السفير البابوي في لبنان يقول إن رجاء البلاد يتطلب ارتداد القلوب وتقديم فسحة أكبر للشبان 

السفير البابوي في لبنان يقول إن رجاء البلاد يتطلب ارتداد القلوب وتقديم فسحة أكبر للشبان

"ارتداد القلوب وتقديم فسحة أكبر للشباب: إن رجاء لبنان يمر بهذه الطريق". هذا ما أكده السفير البابوي في لبنان المطران جوزيف سبيتيري في مقابلة أجراها معه موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني في أعقاب يوم التأمل والصلاة من أجل لبنان الذي نُظم في الفاتيكان يوم الخميس الفائت وجمع البابا فرنسيس إلى قادة الكنائس المسيحية في بلاد الأرز. ولم يخف سيادته خشيته حيال الأزمة الخطيرة التي يعيشها لبنان حاليا، موضحا أن رجاء لبنان والنظر إلى المستقبل يكمنان اليوم في الشبان كما أيضا في حكمة المسنين.

يعاني لبنان حالياً من غلاء المعيشة والفساد والبطالة وهجرة الشباب، في وقت تفتقر فيه البلاد إلى القيادة السياسية منذ قرابة السنتين. وهذه الأزمات المتتالية وضعت تحت خط الفقر أكثر من نصف السكان المحليين، بحسب الإحصاءات، وسط أزمة مالية نتجت في المقام الأول عن تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي بنسبة تسعين بالمائة، ولم تلق مبادراتُ الاحتجاج آذانا صاغية لدى الحكام.

قال الدبلوماسي الفاتيكاني إن الصلوات تُرفع في لبنان وخارجه، لافتا على سبيل المثال إلى أن مجلس أساقفة الولايات المتحدة طلب من جميع المؤمنين أن يصلوا أيضا على نية لبنان. واعتبر أنه أمر لافت أن صلاة الأبانا رُفعت يوم الخميس الماضي أمام ضريح القديس بطرس الذي، وقبل أن يصبح أسقف روما، كان أسقف أنطاكيا. وذكّر سبيتيري بأن كل الكنائس الموجودة في لبنان ترتبط  بأنطاكيا بطريقة أو بأخرى، وهي انبعثت من هذه الكنيسة التاريخية. وأوضح سيادته أن القادة الروحيين المسيحيين يريدون أن يبحثوا عن الحلول، مع أنها لن تكون سهلة على الإطلاق، ويريدون أيضا أن يقتربوا من بعضهم البعض، ويتعين عليهم – كجماعة مسيحية – أن يقدموا شهادة للشركة في هذا البلد الرائع، الذي هو لبنان. ولفت إلى أن كل هذه الأمور ستكون ممكنة بفضل عون الله، وهذا ما يريده أيضا البابا فرنسيس.

بعدها أكد السفير البابوي في لبنان أن القادة الروحيين المسيحيين يتعاونون مع بعضهم، وثمة مؤسساتٌ وهيئات في الشرق الأوسط تعكس علاقات الشركة القائمة بين أتباع مختلف الكنائس، شأن مجلس كنائس الشرق الأوسط، الذي يتم التناوب على رئاسته، لافتا إلى أن الرئاسة الدورية انتقلت اليوم من الكنيسة الكاثوليكية إلى كنيسة الروم الأرثوذكس. وهذه الهيئة هي أكبر من لبنان، لأنها تشمل أيضا مصر والعراق ومنطقة الشرق الأوسط بأسرها. وهذه المنظمات ناشطة أيضا على صعيد العمل الإنساني وما يُعرف بـ"حوار الحياة". كما أن المسيحيين في لبنان يعيشون مع بعضهم البعض منذ سنوات، إذ ثمة زيجات مختلطة بين أتباع مختلف الكنائس، حتى بين الكاثوليك والأرثوذكس. والأطفال يترددون إلى المدارس نفسها، ويعيشون مع بعضهم البعض.

رداً على سؤال حول ما يحتاج إليه لبنان كي يولد الرجاء من جديد، قال السفير البابوي المطران سبيتيري إن المجتمع يحتاج قبل كل شيء إلى ارتداد القلوب، كما لا بد أن يتم الإصغاء إلى الشبان. وهذا ما يشدد عليه البابا فرنسيس، الذي لا يدعونا إلى المكوث جنب الشبان وحسب، بل أيضا إلى فهم أحلامهم وتطلعاتهم، والتعرف على احتياجاتهم وخلق فسحة لهم. ولفت سيادته في هذا الإطار إلى أن الشبان في لبنان يتمتعون بمستوى تربوي عالٍ، نظرا للمؤسسات التربوية الرائعة الموجودة في بلاد الأرز، كالمدارس والجامعات. ويمكننا أن نرى العديد من الشبان اللبنانيين الذين يهاجرون ويحققون إنجازات كبيرة خارج وطنهم.

وأضاف الدبلوماسي الفاتيكاني أنه في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب أغسطس من العام الماضي نزل العديد من الشبان اللبنانيين إلى الشارع، قادمين من الشمال والجنوب، مسلمين ومسيحيين، حملوا المكانس لينظفوا شوارع المدينة. وبفضل هذا التضامن القائم بينهم تمكنوا من صنع المعجزات. وأوضح سيادته في هذا السياق أن رجاء لبنان والنظر إلى المستقبل يكمنان اليوم في الشبان، كما أيضا في حكمة المسنين، وهذا ما يشدد عليه البابا فرنسيس. لذا – مضى يقول – لا بد أن نجمع بين هذين القطبين، مطالبين أيضا بارتداد القلوب، ويتعين على الكنيسة أن تبدأ من خلال إعطاء القادة السياسيين المثال الأفضل.

في معرض حديثه عن وضع لبنان اليوم قال السفير البابوي في حديثه لموقعنا الإلكتروني إن لبنان يبقى اليوم كجزيرة، إنه نوع من اليوطوبيا، لأنه بلدٌ ديمقراطي، متعدد الطوائف، إذ تعيش فيه ثماني عشرة طائفة معترف بها، يسعى أتباعها إلى إدارة شؤون البلاد سويا. وقال الدبلوماسي الفاتيكاني إننا مدعوون إلى بذل قصارى جهدنا، كي تستمر هذه الفسيفساء في الإشراق، وكي تبقى منارة في منطقة الشرق الأوسط وأيضا في عالم يسعى فيه كل طرف إلى الانغلاق على ذاته، وسط جماعة محددة. في ختام حديثه لموقع فاتيكان نيوز الإلكتروني قال السفير البابوي في لبنان إن بلاد الأرز تعطينا هذا الرجاء، وهذا المثال، أي أن العمل والتعاون ما يزالان ممكنان بين جماعات تختلف كثيرا عن بعضها البعض وذلك من أجل بناء شيء جميل.              

03 يوليو 2021, 16:02