وثيقة حول مستقبل المسيحيين في الشرق الأوسط: رفض لحلف الأقليات ولطلب الحماية الغربية
للمناسبة نشرت وكالة "فيديس" للأنباء مقالا سلطت فيه الضوء على أبرز ما جاء في الوثيقة موضحة أنها مبادرة لا مثيل لها في التاريخ الحديث للتأمل اللاهوتي والرعوي في حاضر ومستقبل المسيحيين في المنطقة، وهي تنفصل عن الصور النمطية التي تقدمها وسائل الإعلام الغربية فيما يتعلق بالجماعات المسيحية في الشرق الأوسط، والتي يتم تقديمها دائما على أنها "أقليات" محاصرة وبحاجة إلى حماية خارجية. ويقول مؤلفو الوثيقة إن المسيحيين في الشرق الأوسط يواجهون حالات طوارئ "وتشظيا على المستويات كافة يحتِّم البدء ببحث معمق في أوضاع المسيحيين، من باب قراءة نقدية هادئة".
فيما يتعلق بالاضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، تؤكد الوثيقة أن “أكثر المخاطر غدرا” على الجماعات المسيحية في الشرق الأوسط الحالية تتمثل في "اللجوء إلى مقاربة اختزالية تستند حصراً إلى منطق الأكثرية والأقلية". كما أن القراءة المشوهة للواقع تدفع بالبعض إلى طلب الحماية "من خلال" تحالف الأقليات"، معتبرة في ذلك ضمانا لاستمرار الوجود المسيحي في الشرق الأوسط".
وتصف الوثيقة عواقب الطائفية والتعصب الديني كعوامل مدمرة لأي مشروع "تعايش بين مختلفين" وتعيد اكتشاف "التعددية" في تاريخ شعوب وحضارات الشرق الأوسط. وقد تم التأكيد على أن هجرة المسيحيين، التي اشتدت في العقود الأخيرة، لا يمكن تفسيرها حصريا على أنها تأثير مباشر لصعود حركات إسلامية عنيفة. وتشير على صعيد آخر إلى أن "اللغة التي تستخدمها المؤسسة الدينية، في كثير من الحالات، لا تزال بعيدة عن الواقع اليومي وعن معاناة ومخاوف المسيحيين المحليين"، وتفقد تدريجياً قوتها في جذب جيل الشباب.
ومن بين "الحلول الخاطئة" التي تم تجربتها لمعالجة مشاكل الجماعات المسيحية في الشرق الأوسط، تشير الوثيقة إلى الاتجاه الذي يدفع الممثلين والجماعات الكنسية "إلى التمسك بالإيديولوجيات الشمولية والأنظمة الاستبدادية"، أو السباق إلى "احتلال مواقع النفوذ والسلطة" من أجل الحصول على الفوائد والحماية الاستبدادية "بحجة أن هذا يمكن أن" يضمن استمرارية وقيمة وجودهم في الشرق الأوسط".
في سياق آخر، تكرر الوثيقة الدعوة إلى إعادة اكتشاف كنز التقاليد الكنسية. ويلفت مؤلفو الوثيقة إلى أن "معظم الكنائس التاريخية في الشرق الأوسط هي بطريركية أو مجمعية. وكلا النظامين مستوحيان من فكرة السينودسية، التي تشير في معناها الأصلي إلى الشركة والسير معا". كما يجب استعادة هذه السمات التقليدية للحياة الكنسية للجماعات الشرقية اليوم. وبحسب مؤلفي الوثيقة، فإن الحياة الكنسية للجماعات الشرق أوسطية يجب أن تحرر نفسها "من الممارسات التي تختزل النساء إلى كائنات من الدرجة الثانية، لأنها ممارسات مخالفة لروح الإنجيل".
بالمقابل أكدت الوثيقة أنه يتعين على المسيحيين في الشرق الأوسط أن يرفضوا الالتزام بالأنظمة السياسية الديكتاتورية، أكانت علمانية إيديولوجية أو تيوقراطية أو إقطاعية، أو التماهي معها. كما يجب عليهم أيضا رفض "تحالف الأقلية" واختيار طلب الحماية. وتؤكد الوثيقة أن "المنظور المقترح هو الاعتراف بالقواسم المشتركة بين مصير المسيحيين مع مواطنيهم من الديانات الأخرى وتعزيز انخراطهم في المجال العام والنضال من أجل دولة مدنية"، يحكمها مبدأ المواطنة والمساواة. دولة "تسترشد بالقانون المدني الحديث" وقادرة على احتضان ودمج جميع التنوعات في الشرق الأوسط.