رسالة البابا تواضروس الثاني لمناسبة عيد الميلاد المجيد 2022
باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد، آمين.
أهنئكم أيها الأحباء ببداية العام الجديد 2022، وأيضا بعيد الميلاد المجيد بحسب التقويم الشرقي. أهنئكم في جميع الكنائس القبطية خارج مصر، بأمريكا وكندا وأمريكا الجنوبية وأوروبا والكرسي الأورشليمي بالقدس وافريقيا وأيضا في كنائس الخليج العربي وكنائس استراليا وكافة المدن التي بها كنائس قبطية. أهنيء جميع المطارنة والأساقفة والآباء الكهنة، القمامصة والقسوس والآباء الرهبان الذين يخدمون خارج الأديرة وأيضا الرهبان والراهبات في الأديرة. كما أهنئ كل الاراخنة والأسر القبطية والشباب والأطفال والشعب القبطي. كل سنة وحضراتكم بخير وسنة جديدة سعيدة على الجميع.
في ميلاد ربنا يسوع المسيح فرحة كبيرة جدا في كل عام. رسائل عديدة نتعلمها من ميلاد مولود المذود في قرية بيت لحم في أورشليم. رسائل يقدمها لنا هذا الميلاد، ميلاد ربنا يسوع المسيح الذي جاء ليبدأ رحلة الخلاص للإنسان من الخطية والسقوط الذي كان أولاً من خلال ادم وحواء. ونتيجة هذا السقوط ظل العالم كله ينتظر من يأتي ليخلصه الى ان جاء اليوم السعيد، يوم الميلاد المجيد لربنا يسوع المسيح. وبهذا الميلاد قدم لنا رسائل عديدة في حياتنا. وأريد أن أقدم لكم بعضاً من هذه الرسائل التي يمكن أن تفيدنا في حياتنا.
الرسالة الأولى، الميلاد يعني البداية الجديدة: هو بداية جديدة والبداية دائما تمتلأ بالفرح والرجاء والأمل. عندما يبدأ الانسان مشروعاً أو دراسة أو عائلة، يبدأ في تكوين بدايات جديدة التي دائما تملأ الإنسان بالفرح. لذلك هذه البدايات الجديدة نعبِّر عنها في صلواتنا الصباحية ونقول: فلنبدأ بدأ حسنا. أنت تبدأ من جديد. فربما كان العام الماضي فيه بعض الضعفات أو السقطات أو السهوات او حتى الخطايا. فإنك تبدأ هذا العام الجديد بدأً حسنا. والخلاصة، ابدأ من جديد وقدم عهودا وتعهدات أمام الله، وقل مع داود النبي: تعهدات فمي باركها يا رب (مزمور 119: 108).
الرسالة الثانية من رسائل الميلاد المجيد، أنه يقدم لنا نوراً للحياة. تلاحظون معي أن ميلاد ربنا يسوع المسيح حدث ليلا وكان في المذود، ولكن في ظلمة الليل يظهر الملاك بنور عظيم ويبشر الرعاة قائلاً لهم: ها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب (لوقا 2: 10). وظهر هذا النور في وسط عتمة الظلام. هكذا الملائكة عندما أنشدوا تسبحة الميلاد: المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة (لوقا 2: 14)، كان هناك نور وكان النور أيضا يملأ المذود. عندما وُلد المسيح، انبثق النور من مولود المذود ببيت لحم وملأ المكان نورا. النور يعني الاستنارة في حياة الإنسان ويعنى العمل والجدية والاجتهاد. لذلك نقول في صلواتنا الصباحية: بنورك يا رب نعاين النور. والنور يجعل الإنسان يعيش في الاستقامة، لأن النور كما نعرف يسير في خطوط مستقيمة. هذه هي رسالة الاستقامة التي يجب أن يعيشها الإنسان، ليمارس مسئوليات حياته اليومية مواصلاً حياة الاستقامة. ونحن نصلي كل يوم وندعو الله فنقول: قلبا نقيا اخلق فيّ يا الله وروحا مستقيما جدده في أحشائي (مزمور 51). الخلاصة، سلوكك اليومي وحياتك بعامة تكون واضحة في النور لأنها تحدث في النور بروح الاستنارة القلبية والحكمة وروح التمييز.
اما الرسالة الثالثة فهي رسالة الدعوة: الميلاد دعوة جديدة. فعندما يولد طفل، يكون هناك دعوة لمسئولية ورسالة في حياته يمارسها في عمره الطويل الذي وهبه الله له. لذلك نردد في الصلوات الصباحية نفس الكلمات التي وردت على لسان القديس بولس الرسول في قوله: أسألكم أنا الأسير في الرب أن تسلكوا كما يحق للدعوة التي دعيتم إليها (افسس 4: 1)، هناك دعوة من خلال ميلاد المسيح في هذا المذود الذي كان بداية جديدة ونورا جديدا وكان أيضاً دعوة لرسالة الخلاص التي تممها المسيح على الصليب. لذلك نقول ان لكل واحد فينا 1- دعوة، 2- مسئولية، 3- رسالة. فالله خلقك من أجل قصد معين يتممه الأب، الأم، الخادم، الخادمة، وكل مسئول، كيفما تكون مسئولية الإنسان. ونؤكد أن لحياتك معنى وقصدا عند الله، لذلك كان الميلاد دعوة جديدة.
اخوتي وأحبائي، الميلاد بداية جديدة، نور جديد، دعوة جديدة يمارسها الإنسان في حياته.
أكرر تهنئتي القلبية بمحبتي لكم جميعا، أرسلها لكم من المقر البابوي من الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، القاهرة، مصر. مرسلاً لكم تحيات آباء المجمع المقدس والآباء الكهنة والآباء الذين يخدمون في كل كنائس مصر، وصلواتنا ودعواتنا لكم من خلال آباء الأديرة القبطية في مصر متمنيا لكم مع رسالتي هذه دوام الصحة والعافية ليعطيكم الرب نعمة وصحة كاملة، حافظاً إياكم حتى وإن كنا في ازمنة وباء وجائحة، ولكن لنا ثقة كما يقول داود النبي: الرب نوري وخلاصي ممن أخاف، الرب حصن حياتي ممن أرتعد (مزمور 27). تهنئي القلبية لكم جميعا، راجياً لكم كل خير وسعادة في العام الجديد، ولإلهنا كل مجد وكرامة من الآن والى الأبد آمين.