مقابلة مع أسقف أبرشية كاراغاندا قبل أيام على زيارة البابا الرسولية إلى كازاخستان
استهل سيادته حديثه لموقعنا الإلكتروني مشيرا إلى أن البلاد عاشت طيلة سبعين سنة في ظل النظم السوفيتي، حيث تم تحظير كل شكل من أشكال التعابير الدينية، وأُرغم أتباع مختلف الديانات على عيش إيمانهم سراً. وأشار إلى وجود العديد من المسيحيين الذين قدموا شهادات بطولية لإيمانهم، من بينهم كاهن كان صديقاً للبابا يوحنا بولس الثاني يُدعى فلاديسلاو بوكوفينسكي، أُعلن طوباوياً لست سنوات خلت، وقد أمضى أكثر من ثلاثة عشر عاماً في مخيمات الاعتقال، وبعد الإفراج عنه كان ناشطا جدا في أبرشية كاراغاندا. بعدها ذكّر سيادته بأن البلاد نالت استقلالها في العام ١٩٩١ وتمكن المؤمنون من الخروج إلى العلن، وجاء إلى كازاخستان العديد من الكهنة القادمين من ألمانيا وبولندا وبدأت عملية بناء الكنائس وتنظيم الحياة الرعوية. ولفت في هذا السياق إلى الشجاعة التي ميّزت المرسلين الأوائل، مع أنهم كانوا يتوجهون إلى مواطنيهم من الكاثوليك الذين يجيدون لغتهم. وأضاف أن المؤسف أن جماعات المؤمنين التي كان عددها كبيراً في السابق راحت تتضاءل اليوم، متسائلا عما إذا كانت كل التضحيات قد ذهبت سدى. هذا ثم ذكّر المطران ديل لورو بأن تلك الأرض كانت ملحدة في الماضي، وعلى الرغم من ذلك تمكن العديد من الأشخاص من عيش الإيمان الذي قدم لهم الفرح، وجعلهم قادرين على جذب الآخرين إليهم، كما قال البابا بندكتس السادس عشر والبابا فرنسيس، بما في ذلك المسلمين الذين يشكلون نسبة ثمانية وسبعين بالمائة من مجموع عدد سكان كازاخستان. وأشار إلى أنه يحث دوماً الكهنة والرهبان والراهبات في أبرشيته على عيش المحبة والجمال، لافتا على سبيل المثال إلى الحفلات الموسيقية التي تُنظم مرتين في الشهر في كاتدرائية كاراغاندا، وتستقطب أعداداً كبيرة من الأشخاص، ما يدل على أن الناس يحبون الجمال، بغض النظر عن الانتماءات القومية والدينية. وهذا الجمال يقودهم نحو الله. وفي سياق حديثه عن خبرته الشخصية في كازاخستان قال سيادته إنه عندما وصل إلى هذا البلد شاهد وضعاً صعباً، وكان ذلك من مخلفات النظام السوفيتي، مشيرا على سبيل المثال إلى انقطاع المياه وغياب التدفئة عندما تتدنى الحرارة لأربعين درجة دون الصفر، فضلا عن انقطاع التيار الكهربائي. بيد أن الأجيال الفتية تمكنت من النهوض بالبلاد، وروى أنه درّس الثقافة واللغة الإيطاليتين في جامعة كاراغاندا طيلة ست سنوات ولمس الرغبة لدى الشبيبة في التعلم وإعطاء معنى لحياتهم. وقال إنه شاهد معجزة، ألا وهي حياة هؤلاء الشبان والشابات التي تغيّرت. ردا على سؤال بشأن الذكرى التي تركتها لديه زيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى كازاخستان لإحدى وعشرين سنة خلت، قال سيادته إن الزيارة حصلت بعد أيام قليلة على اعتداءات الحادي عشر من أيلول سبتمبر ٢٠٠١، وقد قدّر الجميع شجاعة البابا الذي أبى أن يلغي الزيارة، على الرغم من الخوف الذي كان سائدا آنذاك في مختلف أنحاء العالم. وأضاف أن معظم الناس تعرفوا على البابا بفضل تلك الزيارة، وشهد القداس الذي ترأسه فويتيوا مشاركة حوالي أربعين ألف شخص. واليوم وجه رئيس البلاد دعوة للبابا فرنسيس لزيارة كازاخستان، وهو واثق بأن حضور الحبر الأعظم سيقدم إسهاماً قيماً للوفاق والسلام في أنحاء العالم كافة. في معرض إجابته على سؤال بشأن غياب البطريرك كيريل عن مؤتمر القادة الدينيين قال المطران ديل لورو إنه يتأسف لهذا الأمر، خصوصا وأن لقاء كان سيُعقد على هامش المؤتمر بينه وبين البابا فرنسيس، وهذا الأمر كان قادراً على التأثير على الأوضاع الراهنة، من وجهتي النظر السياسية والدينية. في الختام تطرق سيادته إلى الحرب في أوكرانيا وقال إنها تذكّرنا بالآلام التي شهدتها تلك الأرض، موضحا أن أبرشيته كانت عبارة عن مخيم اعتقال، وتم العثور هناك على مقابر جماعية دُفن فيها حوالي عشرين ألفا من أسرى الحرب. واعتبر أن الاحتفال بعيد الصليب، في الرابع عشر من الجاري، يذّكر الجميع بأن الخلاص يمر عبر الصليب، وبأن طاعة الله تقدم للإنسان حياة جديدة، وإذا تبدل الناس تبصر النور مجتمعات جديدة. |