شهادات حيّة لموهبة الطوباوي جيوفاني باتيستا سكالابريني
برزت آنيّة وأهمية الموهبة التي تتمتع بها رهبانيات مرسلي القديس كارلو بوروميو والراهبات المرسلات للقديس كارلو بوروميو سكالابرينيانيه في المؤتمر الصحفي الذي عقد في معهد ماريا بامبيني في روما. من بين المشاركين، أوضح الأب غرازيانو باتيستيلا أن المعجزة التي تمَّ الاعتراف بها للطوباوي سكالابريني تتعلق بشفاء راهبة كانت تعاني من مرض السرطان. وأشار إلى أن البابا كان موافقًا على الاعتراف بالقداسة حتى في وجود معجزة واحدة. ثم تحدث المونسنيور بييرباولو فيليكولو، المدير العام لمؤسسة ميغرانتيس. إلى جانب الأب ليونير كياريلو، الرئيس العام لمرسلي القديس كارلو بوروميو سكالابرينياني، أوضح كيف أن وجود السكالبرينيين يركز بشكل خاص على المرحلة الثانية من الاستقبال: بعد حالة الطوارئ لدى الوصول، يعد الالتزام الأوسع أمرًا مهمًا. فيما ذكّرت الأخت جوليا تشيفيتيللي بخبرة المرسلات العلمانيات.
إنَّ جيوفاني باتيستا سكالابريني، الأسقف المؤسس لرهبانيات مرسلي القديس كارلو بوروميو والراهبات المرسلات للقديس كارلو بوروميو، قد أعلنه طوباوي البابا يوحنا بولس الثاني في ٩ تشرين الثاني (نوفمبر) ١٩٩٧، وسيُعلن البابا فرنسيس قداسته يوم الأحد ٩ تشرين الأول (أكتوبر) في احتفال مهيب في ساحة القديس بطرس. إذ تأثر بعمق بمأساة العديد من الإيطاليين الذين أجبروا على الهجرة إلى الولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية في نهاية القرن التاسع عشر، ولم يبقَ غير مبالٍ: بل عزز الوعي في المجتمع وأرسل مرسليه ومرسلاته لمساعدة ودعم المهاجرين في الموانئ، وعلى السفن وعند الوصول إلى بلدان جديدة. وبالتالي يساعدنا إعلان قداسته على فهم كيف لا يزال على الجماعة المسيحيّة أن تلتزم اليوم في استقبال المهاجرين وإدماجهم في إطار مجتمع أكثر أخوة. لذلك يعتبر أبًا لجميع المهاجرين واللاجئين. هكذا تذكِّر به الأخت نوسا دي فاطيما ماريانو، الرئيسة العامة للراهبات المرسلات للقديس كارلو بوروميو سكالابرينيانيه وقالت: بعد مرور أكثر من قرن على وفاة جيوفاني باتيستا سكالابريني، لا تزال حياته تشكّل منارة للذين يخدمون في العالم البشريّة المتألِّمة: المهاجرين. بعد تأسيس مرسلي القديس كارلو بوروميو في عام ١٨٨٧ – تشرح الأخت نوسا - كان أسقف بياتشنسا يعلم أن عملهم كان غير مكتمل، لاسيما في أمريكا الجنوبية، بدون مساعدة الراهبات. وبالتالي وبدعم من الطوباوية أسونتا ماركيتي وخادم الله الأب جوزيبي ماركيتي، أسس في عام ١٨٩٥ الراهبات المرسلات للقديس كارلو بوروميو، مُعترفًا بالقيمة العظيمة التي يمكن أن تحملها النساء المكرسات لمشروعه الإرسالي في العالم.
وتؤكّد الأخت نوسا: نحن تعبير عن الوجه الأنثوي للموهبة السكالابرينية الموجّهة إلى المهاجرين. لدينا حساسية خاصة، نحن نشعر ونفهم كل المصاعب التي يمكن أن تواجهها المرأة أثناء رحلة الهجرة، رحلة تجعل النساء والأطفال أكثر هشاشة وضعفًا". وتضيف الأخت نوسا "ولدت في البرازيل وعملت لسنوات عديدة مع الأطفال والشباب، في التنشئة المسيحية؛ كنت مدرسة للتعليم المسيحي في رعيتي وكنت أنتمي إلى مجموعات الشباب، ولكن كان هناك في قلبي الرغبة في أن أقوم بشيء أعظم وأسلّم حياتي كلها لخدمة الله. فأجريت بعض الأبحاث حول الرهبانيات الحضرة في منطقة ساو باولو وأعجبت جدًا بالراهبات السكالبرينيات. التقيت بهنَّ وكُنَّ فرحات ومضيافات. وشعرت بأنَّ هذا هو المكان الذي يدعوني الرب إليه. بعدها، تعرّفت عن الروحانية السكالابرينية، وقدرتها على رؤية الرب في المهاجرين والعمل من أجل خيرهم. أصبحت راهبة سكالبرينية في سن ٢١. وإحدى رسالاتي الأولى كانت في ضواحي ساو باولو، في الأحياء الفقيرة، كنا نلتقي بالمهاجرين وفوجئت برجائهم وشجاعتهم وثقتهم بالرب، في ضوء حياة أفضل. كانوا يفتحون لنا بيوتهم ويقدمون لنا بالبساطة ما لديهم، على الرغم من حالة الفقر التي يعيشونها. كانوا يخبروننا بقصصهم والمعاناة التي عاشوها في طريق الهجرة. وفي كوني راهبة سكالبرينية، كان من المهم دائمًا أن أقوم بالخطوة الأولى نحو الآخر، واصغي إليه، وأدخل في شركة عميقة مع واقعهم؛ وكنت أفرح عندما كنت أرى الأشخاص يخرجون من عزلتهم ومن حزنهم". نحن حاضرون في ٢٧ دولة مع أكثر من ١٠٠ رسالة تحرّكها الروحانية السكالابرينية" وفي كل شخص نحن نرى ابنًا لله ونحاول أن نعيش سر التجسد في مختلف وقائع الهجرة. خيارنا هو أن نتوجّه بشكل خاص إلى النساء والأطفال اللاجئين، لكي نكون مهاجرين مع المهاجرين ورفاقهم في مسيرتهم.
يُسمّى Chaire Gynai، ويعني في اليونانية "أهلاً بك يا امرأة"، وهو المنزل المفتوح في روما. وتخبر الأخت نوسا إنها في معانقة أم شكرتها، شعرَت بهدف الرسالة: "نحن نوفر لهم إمكانية حياة تعترف بكرامتهم وتفتح لهم آفاقًا لفرص جديدة". تتمُّ الشهادة للموهبة السكالبرينية في العالم من خلال الأعمال الاجتماعية الرعوية، وتتجلى في التضامن مع الذين يعيشون مأساة الهجرة، وكل شيء يهدف إلى خلق شركة، ولكي نكون راهبات مع المهاجرين واللاجئين ومن أجلهم. في السنوات الأخيرة، وُلد مشروع "الخدمة المتنقلة"، الموجود في المناطق الحدودية، حيث توجد المزيد من المعاناة: في رورايما في البرازيل، في الحدود الشمالية والجنوبية للمكسيك، في فينتيميليا في إيطاليا وفي بيمبا في الموزامبيق.
وتضيف الأخت نوسا تصل الهجرة وتحمل معها تغييرات هيكلية: واستقبال المهاجرين يعني امتلاك هذه القدرة على الاصغاء. والانفتاح على الآخرين يعني مشاركة فسحتنا ومدننا، وإنما أيضًا أن نعرف كيف نقدّر الجمال الذي يحمله كل شخص في داخله. وبالتالي فالدخول في علاقة مع المهاجرين يعني أيضًا أن نعرف كيف نتأثّر إزاء الألم ، كما فعل سكالابريني عندما رأى مهاجرين إيطاليين يغادرون إلى أمريكا. ونحن النساء – تابعت الأخت نوسا تقول - أكثر حساسية لمعاناة الآخرين. وانطلاقًا من أسلوبنا في كوننا نساء، نحاول أن نجعل الإبداع السكالبريني يزدهر مرة أخرى مع المهاجرين واللاجئين الذين لا يجدون إجابات لمشاكلهم وجروحهم ونحاول مرافقتهم في مسيرتهم على مثال يسوع، السامري الصالح. فيصبح ألم المهاجرين ألمنا ورجاؤهم رجاؤنا. وهذا ما علمنا إياه سكالابريني. إنَّ الطوباوي جيوفاني باتيستا سكالابريني قد اغتنى بثقافة المهاجرين، والغنى الذي كانوا يحملوه معهم، لدرجة أنه قال: "في المهاجر أرى الرب". ونحن قد تلقينا هذا الإرث، وهذه الموهبة لعصرنا. عندما نقرأ كتاباته، ندرك أنها لا تزال آنية اليوم. لقد كان أيضًا رجل أعمال، وعرف كيف يشرك الكنيسة، والدولة، والعلمانيين، والمرسلين، ونحن الراهبات السكالبرينيات لكي يتمكن الجميع من أن يقوموا بدورهم. إنه لأمر جيد أن يأتي إعلان قداسته في هذا الوقت من الهجرة القوية. إنها علامة مهمة يريد البابا أن يعطيها للكنيسة كلها وللبشرية جمعاء، كنيسة تستقبل المهاجرين واللاجئين وتسير معهم.