البطريرك الماروني: فلنصلِّ لكي يوقظ الله الإيمان في جميع الناس لا سيما في قلوب حكام الأرض والوطن فيسير الجميع في هديه إلى كل خير
في عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "عندما يغيب الإيمان يكثر الشر. فبغيابه يُحجب وجه الله وكلامه، ويُستبدلان بعبادة الذات والمصالح والشهوات، والمال، وروح الشر، وحب السيطرة والاستبداد، والاستكبار، ومخالفة وصايا الله ورسومه، وكأنها غير موجودة. هذا هو مكمن الشر عندنا في لبنان: تغييب الله، والحلول محله، يغلّبان الشر على الخير، والباطل على الحق، والظلم على العدل، والمصلحة الخاصة على الخير العام، التشويه على التجميل. هذا كله، مع بعض الاستثناءات حاصل عندنا على مستوى الإداء السياسي، والمؤسسات الدستورية، والإدارات العامة. تشويهات في مضمون الدستور وتطبيقه، تشويهات في العيش المشترك، تشويهات في ميزة الوحدة في التنوع. ولبنان في كل هذه الحالات آخذ في الانهيار، والسقف ينذر بسقوطه على رؤوس الجميع. فعودوا إلى الله أنتم الذين تتسببون بكل هذه التشويهات".
وأشار غبطته إلى "أن التعمد في إطالة عمر الفراغ الرئاسي كشف نوايا المعطلين المستفيدين منه، فبتنا نشهد انهيارًا شبه كامل في مؤسسات الدولة واداراتها وفوضى عامة سمحت للعديد من المسؤولين بالتمادي والاستئثار بالسلطة الى حد التسلط والتجبّر والاستنسابية ضاربين عرض الحائط بالميثاق الوطني وبنموذجية لبنان القائمة على التنوع في الوحدة والعيش الواحد فأطاحوا بالأصول والاصالة اللبنانية. إن الاستمرار في هذا النهج المنحرف يهدد بشكل خطير الوحدة الوطنية التي نحن بأمس الحاجة اليها اليوم، وسلامة المجتمع اللبناني ويسيء الى كرامة الشعب المتروك بدون رأس لدولته. إن التمنّع والتباطؤ في انتخاب رئيس للجمهورية يشكل مخالفة فاضحة للدستور ويحمّل المتسببين به مسؤولية التفكك الحاصل والانهيار المستمر واستسهال مخالفة القوانين من قبل مسؤولين آخرين حتى باتت القوانين وجهة نظر أو لائحة مواد يمكن الاختيار منها واستنساب ما يخدم مصالحهم وشعبويتهم ويناسب محسوبياتهم وطوائفهم، حتى لو أدى ذلك الى إدانة بريء أو تبرئة مرتكب أو ظلم موظف كفوء لا يساوم على الحق واستبداله بآخر اقل كفاءة وموال لهم، والأخطر من كل ذلك حين يتم الاستبدال على قاعدة دينية أو طائفية".
"وما القول عن قضية الدوائر العقارية في جبل لبنان المقفلة منذ نحو عام ونصف. فالتأخير في اتخاذ الخطوات العملية والجدية لإعادة العمل الى طبيعته ينذر بما هو خطير ومرفوض وسط الكلام عن بيوعات وتجاوزات حاصلة تحت جنح الظلام. فضلًا عن الخسائر الناجمة عن هذا التعطيل التي تطال خزينة الدولة وأكثر من 63 مهنة وقطاع. إننا نحمّل المعنيين بهذا الشأن مسؤولية هذا التقاعس ونطالبهم بإعادة فتح الدوائر العقارية في جبل لبنان من أجل تأمين مصالح المواطنين وعودة هذا الشريان الحيوي الى طبيعته. وفي مجال آخر وبما ان معظم القوى السياسية متفقة على ضرورة إصلاح جهاز الجمارك نظرا لأهمية دوره وإيراداته للخزينة العامة، فإننا نطالبها بتحمّل مسؤولياتها الوطنية وإقرار الإصلاحات الجمركية اللازمة، والحؤول دون الشغور في الملاك المحدود للضابطة الجمركية، والمباشرة بملئه عبر مباراة تراعى من خلالها الكفاءة والمناصفة. كل هذه المواضيع وغيرها من الإصلاح والمال والاقتصاد والإدارة تحتاج الى انتخاب فوري لرئيس للجمهورية يتولى قطع الطريق على أي معادلات داخلية وخارجية وتسويات قد تأتي على حساب لبنان وسيادته ومصلحة شعبه".
وفي ختام عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "فلنصلِّ، أيها الإخوة والأخوات، لكي يوقظ الله الإيمان في جميع الناس، ولا سيما في قلوب حكام الأرض والوطن، فيسير الجميع في هديه إلى كل خير. فيتمجد الثالوث القدوس، الآب والإبن والروح القدس، الآن وإلى الأبد. آمين".