في عظته مترئسا قداس الأحد البطريرك الماروني يسلط الضوء على افتتاح رابطة كاريتاس لبنان حملة زمن الصوم ٢٠٢٤
استهل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظته قائلا "عندما اقترب الأبرص من يسوع طالبًا شفاءه من برصه المعدي، الذي فصله عن الجماعة بحكم الشريعة، تحنّن يسوع عليه، ومدّ يده ولمسه وطهّره من برصه" (راجع مر 1: 41). أربعة أفعال قام بها يسوع، وأعطاها كل مفاهيمها: "تحنّن على الأبرص، مدّ يده، لمسه، وشفاه." وهكذا ترك لنا يسوع نهجًا في مقاربتنا لكل إنسان، وبخاصة لكل من كان في حاجة جسدية أو مادية أو روحية أو معنوية. بهذه المقاربة نبني الأخوّة الإنسانية والسلام والوحدة بين الناس. وما أحوج العالم ومجتمعنا اللبناني إلى هذه القيم الأساسية لشدّ أواصر العائلة الوطنية".
وأضاف البطريرك الراعي يقول "تفتتح رابطة كاريتاس لبنان في هذا الأحد حملة زمن الصوم ٢٠٢٤ وشعارها "من إيدك لباب السما". وهو مستلهم من كلمة الرب يسوع: "أكنزوا لكم كنوزًا في السماء" (متى 6: 20). وهي كنوز نكتسبها بمساعدة الذين دعاهم يسوع "إخوته الصغار" وهم "الجائع والعطشان والعريان والغريب والمريض والسجين (راجع متى 25: 35-46)، بمفهومها الجسدي والمادي والروحي والمعنوي. كلنا مدعوون للمساهمة في هذه الحملة، عملًا بما يوجب علينا زمن الصوم من تصدّق وأعمال محبة ورحمة. إن كاريتاس- لبنان هي جهاز الكنيسة الراعوي - الاجتماعي الذي من خلاله تقوم الكنيسة بواجب خدمة المحبة، بالإضافة إلى خدمة الكلمة بالوعظ والتعليم، وإلى خدمة تقديس النفوس بنقل نعمة الأسرار. وبما أن رابطة كاريتاس هي جهاز الكنيسة لخدمة المحبة، فإنها تتلقى المساعدات من الداخل والخارج لكي تنظم هذه الخدمة ببرامج على كامل مساحة أرض لبنان".
وأشار غبطته إلى أن كاريتاس لبنان تنفذ "مشاريعها وبرامجها في قطاعات متعددة مثل: الصحة والمساعدات الاجتماعية والتعليم والحماية والتنمية وتحسين سبل العيش، فضلًا عن المساعدات النقدية والغذائية إلى اللبنانيين الأكثر فقرًا، وخدمات للاجئين والمهاجرين. فلا بد أن نحيّي جهود عائلة كاريتاس الكبيرة بكامل أفرادها الذين يتعاونون لتحقيق رسالتها وهي تضم أعضاء مجلس الإدارة والعاملين في المركزية والاقاليم والمراكز والشبيبة والمنتسبين والمتطوعين، وعدد كبير من الأصدقاء والقدامى". وأضاف أن "كاريتاس لبنان مستمرة بالتعاون مع عشرات المنظمات الدولية وعلى وجه الخصوص مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي والإتحاد الأوروبي ومؤسسات غير حكومية متعددة ورابطات كاريتاس الشقيقة وجهات مانحة بهدف خدمة كل المحتاجين الموجودين في كل لبنان. كما تتلقى كاريتاس لبنان دعمًا مستمرًا من اللبنانيين المنتشرين وهي تناشدهم لمواصلة تضامنهم مع إخوتهم في الوطن الذين يعانون بصمت ويتألمون في الخفاء من الفقر المتزايد ومن الضغوط النفسية والاجتماعية التي يواجهونها من جراء ذلك. إننا نذكر في هذه الذبيحة المقدسة أسرة كاريتاس والمحسنين كافأهم الله بفيض من نعمه وبركاته".
قال البطريرك الراعي في عظته إن "خطيئة الإنسان برص روحي يشوّه كيانه: يشوّه عقله فيحيد عن الحقيقة ويعيش في الكذب؛ ويشوّه إرادته فتحيد عن فعل الخير وتجنح إلى الشر؛ ويشوّه قلبه فيحيد عن الحب والمشاعر الإنسانية، ويمتلئ حقدًا وبغضًا؛ ويشوّه ضميره فينغلق عن سماع صوت الله، ولا يسمع إلّا لصوت أنانيته ومصالحه؛ ويشوّه نفسه وروحه التي خلقت على صورة الله، فيفقد هذه الصورة ويلبس صورة تخالف كرامته وقدسيته. أجل، أيها الإخوة والأخوات كلنا مصابون بهذه الأنواع من البرص الروحي. زمن الصوم هو زمن الشفاء منه لكي نستطيع أن نعيش معًا بسلام واحترام متبادل، ونبني مجتمعًا نلتزم فيه ببناء الوحدة والتعاون والتضامن بين جميع الناس".
وفي ختام عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "فلنصلِّ إلى الله، أيها الإخوة والأخوات، كي يمنحنا نعمة البطولة في تغليب السلام على الحرب، والتفاهم على التنازع، والحب على البغض، والخير على الشر، والوحدة على التفكك. له المجد والشكر الآن وإلى الأبد، آمين".