البطريرك الماروني: حالة الخطيئة تشل ضمير الإنسان فيخنق صوت الله في أعماق نفسه
ألقى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظة بعنوان "لـمّا رأى يسوع إيمانهم، شفى المخلّع نفسًا وجسدًا" (راجع مر ٢: ٥ و١١)، استهلها قائلا "الجو جوُّ إيمان عندما شفى يسوع ذاك الرجل المخلّع (المشلول) الممدود على سريره. شفى نفسه أولًا بمغفرة خطاياه، ثم شفى جسده بكلمة واحدة: "قم احمل سريرك واذهب إلى بيتك". وكان يسوع في ذاك الحين يخاطب الجمع الغفير بكلمة الله التي تولّد الإيمان في نفوس سامعيها بشوق. ويبدو أن الرجال الأربعة كانوا من الذين آمنوا بسماع الكلمة. فحملوا إليه الرجل المشلول في بلدتهم، وكلهم إيمان بأنه سيشفيه. ولـمّا لم يتمكنوا من الوصول إليه بسبب كثرة الجمع، صعدوا ونبشوا السقف ودلّوا السرير والمشلول عليه. "فلمّا رأى يسوع إيمانهم، قال للمشلول "مغفورة لك خطاياك"، ثم "قم، احمل سريرك واذهب إلى بيتك"(مر 2: 5 و11). فوُلد ذاك الرجل من جديد نظيفًا من خطاياه، ومعافى من شلله. فلنذهب نحن أيضًا إلى طبيبنا السماوي يسوع المسيح، إلى نعمة كلامه وسرَّي التوبة وشفاء المرضى". وأشار البطريرك الراعي في عظته إلى أن "حالة الخطيئة تشل عقل الإنسان فينحرف عن الحق، ويعيش في الباطل والكذب. وتشل إرادته فينحرف عن الخير، ويعيش في فعل الشر. وتشل حريته فينحرف عن قاعدة اختيار ما هو في إطار الحق والخير والجمال، ليعيش في حالة فلتان عن القاعدة الأخلاقية. وتشل ضميره فيخنق صوت الله في أعماق نفسه، ويتيه في سماع نزواته وأمياله المنحرفة وأنانيته ومصالحه الرخيصة. وتشل قلبه فينحرف عن المشاعر الإنسانية، ويصبح قلبًا من حجر فاقد الحب والحنان والرحمة".
في عظته مترئسا قداس الأحد، أشار البطريرك الراعي إلى الاحتفال بيوم المرأة العالمي في الثامن من آذار مارس، وبعيد المعلّم في التاسع من آذار مارس وقال "إنّا نوجه لكل امرأة ولكل معلّم، تهانينا بالعيد، مع التعبير عن الشكر لهما وأطيب التمنيات. نقول شكرًا للمرأة الزوجة والأمّ والأخت والمعلّمة والعاملة والممرضة والموظفة والمسؤولة في الدولة والعمل السياسي والمريضة والمعوّقة والمكرسة لخدمة المحبة؛ ونعلن تضامننا معها في كل ما يعود إليها من حقوق وواجبات في الكنيسة والمجتمع والدولة. لقد أنشأنا سنة 2012 في الدائرة البطريركية "مكتب راعوية المرأة" الذي نشر في شهر أيلول الماضي 2023 وثيقةً بعنوان: "دعوة المرأة ورسالتها في تدبير الله وحياة الكنيسة والمجتمع". وفيها ثلاثة فصول حول: التحديات، الثوابت، السياسات والتوجهات. نأمل أن تصل إلى مجتمعنا، ونحن نعمل لهذه الغاية. وأنشأنا في بداية هذا العام "مكتب راعوية الأشخاص ذوي إعاقة" وقد بدأ نشاطاته بالتنسيق مع المؤسسات المعنية بهؤلاء الأشخاص، وبتحديد إطار نشاطاتها لصالح ذوي الإعاقة".
"وفي عيد المعلّم"، أضاف غبطته يقول "يسعدنا أن نحيي كل معلّم ومعلّمة في مدارسنا الرسمية والخاصة وفي مدارسنا الكاثوليكية وفي المدارس المجانية. ونقول لهم: أنتم نجاة لبنان من الأميّة القاتلة، وأنتم تهيؤون الأسس لدخول الجامعات، حيث بفضل المحاضرين فيها والمحاضرات يتخرّج طلّابنا بأرفع المستويات العلمية، على ما تشهد الجامعات في العالم التي يواصلون فيها اختصاصاتهم. كونوا على ثقة، أيها المعلّمون والمعلّمات، أن الكنيسة بجانبكم، تعرف معاناتكم وتدعم مطالبكم. إنها معنية بالمحافظة في آن على المدرسة والمعلّم والطالب والأهل. ونرجو أن نتجاوز الأزمة الاقتصادية والمالية بالتعاون والتضامن. ومعكم نرفع الصوت إلى المسؤولين السياسيين لكي يخرجوا من بوتقة مصالحهم الشخصية والفئوية وينهضوا بالبلاد سياسيا واقتصاديا وماليا. فهم أنفسهم مسؤولون عن حالة الشلل في الدولة ومؤسساتها. فيا ليتهم يتواضعون ويقرّوا بأخطائهم ويصححوا أداءهم ليسلم لبنان واللبنانيون!
وفي ختام عظته مترئسا قداس الأحد، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "فلنصلِّ، أيها الإخوة والأخوات، من أجل شفائنا، وشفاء جميع الناس من الشلل الروحي والأخلاقي، ومن أجل شفاء المصابين في أجسادهم، وطبيبنا القدير واحد هو ربّنا يسوع المسيح فادي الإنسان ومخلّص العالم. له المجد والشكر مع الآب والروح القدس الآن وإلى الأبد، آمين".