كوريا تحيي غداً الثلاثاء "يوم الصلاة من أجل المصالحة والوحدة الوطنية"
يوم الصلاة هذا العام يكتسب أهمية كبرى إذ يبدو أن العلاقات بين سيول وبيونغ يانغ باتت بعيدة كل البعد عن السلام والمصالحة، فقد أُقفلت قنوات الحوار كافة وقامت حكومة كوريا الجنوبية بتعليق العمل بالاتفاق العسكري الذي تم التوصل إليه بين شطري الجزيرة في التاسع عشر من أيلول سبتمبر ٢٠١٨، بهدف الحيلولة دون وقوع مواجهات عرضية. وقضى الاتفاق بخفض حدة التوتر على طول الحدود المشتركة من خلال نزع الألغام المضادة للأشخاص، وخلق منطقة عسكرية عازلة مشتركة. حكومة سيول وجهت أصابع الاتهام إلى بيونغ يانغ مشيرة إلى أن كوريا الشمالية تواصل تجاربها الصاروخية ومناوراتها العسكرية، وهي تنظر إلى كوريا الجنوبية كبلد عدو. ومما لا شك فيه أن التوترات بين الكوريتين أدت إلى نشوب نوع من الحرب السيكولوجية والدعائية بينهما. لمناسبة إحياء يوم الصلاة من أجل المصالحة والوحدة الوطنية أجرت وكالة الأنباء الكنسية فيديس مقابلة مع المطران سيمون كيم يونغ غانغ، رئيس لجنة المصالحة الوطنية التابعة لمجلس أساقفة كوريا متسائلاً ماذا يمكن فعله اليوم إزاء تدهور العلاقات بين الكوريتين، وأكد أن الجواب على هذا السؤال يكمن في الارتداد الشخصي، وقال لا بد أن يفكر كل مؤمن إذا ما كان عامل الكوريين الشماليين على أنهم أخوة له خلال سنوات الانقسام. وشدد على ضرورة أن تبدأ الكنيسة مسيرة جديدة بقلب متواضع وبروح من الارتداد الصادق مضيفا أن الوحدة الحقيقية يمكن أن نبلغها فقط عندما نسعى إلى تغيير أنفسنا، وجعل قلبنا مضيافاً ومتفهماً تجاه الآخرين. وأضافت وكالة فيديس أن المؤمنين الكاثوليك في كوريا الجنوبية أطلقوا تساعية خاصة للاستعداد ليوم الصلاة من أجل المصالحة والوحدة الوطنية، يوم غد الثلاثاء. التساعية بدأت في السابع عشر من الشهر الجاري في جميع رعايا البلاد وتنتهي يوم غد. وقد نُظمت للمناسبة ندوة، خلال الأيام القليلة الماضية، عُقدت في كاتدرائية العاصمة سيول حول موضوع "الكنيسة الكاثوليكية والتربية على السلام"، وشاركت فيها الأستاذة في الجامعة الكاثوليكية في كوريا جوليا كيم نام هي، التي ألقت مداخلة بعنوان "تربية المواطن الكاثوليكي والسلام". أما يوم غد فسيشهد ندوة ثانية تُنظمها رئاسة أبرشية سيول تحت عنوان "مسيرة المؤمنين من أجل السلام في شبه الجزيرة الكورية" ويريد المنظمون أن تشكل الندوة تعبيراً عن رغبة المؤمنين العلمانيين الكاثوليك في اتخاذ مبادرات تهدف إلى تحسين العلاقات بين الكوريتين. في سياق آخر لم يُخف أسقف أبرشية شون شون المطران سيمون كيم جو يونغ قلقه حيال تبدد الآمال في التوصل إلى حل لهذا الصراع من خلال الحوار والتعاون الثنائي، معتبرا أن ثمة جهوداً تهدف إلى تعزيز الأمن عبر اللجوء إلى القوة العسكرية وحسب. ولفت إلى ضرورة طلب المساعدة من الله، مسلطاً الضوء أيضا على الدور الذي يمكن أن يلعبه المؤمنون العلمانيون على هذا الصعيد، على أمل أن تُفتح قنوات للحوار والسلام بين شطري الجزيرة. أما رئيس جمعية رسالة العلمانيين الكاثوليك في كوريا آن جاي هونغ فرأى أنه لا يمكننا أن نراهن على بلوغ السلام بواسطة القوة في وقت يشاهد فيه الجميع مآسي الحرب بين روسيا وأوكرانيا والصراع الدائر في الشرق الأوسط بين إسرائيل وحماس. وقال إن المؤمنين العلمانيين يريدون أن يُسمعوا صوتهم للمطالبة بالعمل من أجل تحسين العلاقات الثنائية. ويرى المراقبون أنه في العام ٢٠٢٤ وبعد أربع وسبعين سنة على اندلاع الحرب في كوريا، والتي أدت انقسام شبه الجزيرة الكورية إلى شطرين، تراجعت العلاقات كثيراً بين سيول وبيونغ يانغ لتصل إلى أدنى مستوياتها. وعلى الرغم من ذلك لا ينسى السكان أنهم شعب واحد، وما يزالون يعولون كثيراً على بوادر الأمل الذي ظهرت خلال العقود الماضية، عندما جرى الحديث عن الحوار والتعاون والتعايش المشترك. |