بحث

الكاردينال بيتسابالا يزور غزة الكاردينال بيتسابالا يزور غزة 

الكاردينال بيتسابالا: إننا نعيش ليلاً طويلا ونقف إلى جانب من يعملون لصالح الخير

في مقابلة مع موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني لفت بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا إلى أنه من الصعب أن نرى في الوقت الراهن مخرجاً للأزمة في الأرض المقدسة، مضيفا أنه في وقت يعمل فيه الجميع على بناء الحواجز لا بد أن تحافظ الكنيسة على يدها الممدودة نحو الآخر. كما أكد الكاردينال بيتسابالا أن المرحلة التي تعيشها المنطقة اليوم مؤلمة جداً، وهي بمثابة ليل طويل، لكنه شدد على أن الليل لا بد أن ينتهي.

قال غبطته إن الوضع لم يتغيّر كثيراً اليوم قياساً بما كان عليه في الماضي القريب، أو في الأشهر القليلة الفائتة. وأكد أن قطاع غزة بات اليوم منقسماً إلى شطرين، الشطر الشمالي والشطر الجنوبي، وبالتحديد هناك مدينة رفح في الجنوب ومدينة غزة في الشمال. وأوضح أن المساعدات الإنسانية كانت تصل بكمية أكبر إلى القطاع، لاسيما في الجزء الشمالي، بيد أن الوضع بات أكثر تعقيداً اليوم. وأشار – على سبيل المثال – إلى النقص في اللحوم، ناهيك عن المشاكل المرتبطة بتوفر المياه، مؤكدا أن الوضع ازداد تدهوراً وبات من الصعب أن يرى السكان مخرجاً للأزمة الراهنة. وتابع غبطته قائلا: لا يبدو لي أن المفاوضات تحقق شيئاً، وأن ثمة رغبة حقيقية وواقعية من قبل الأطراف المعنية في التوصل إلى حلّ. وهذا ما يشعر به السكان، مع الأخذ في عين الاعتبار الأوضاع الراهنة اليوم على الجبهة الشمالية لإسرائيل، أي على الحدود مع لبنان، حيث التوتر ينمو أكثر فأكثر. والأوضاع الراهنة لا تبعث على التفاؤل.

في سياق حديثه عن تبعات الصراع في غزة، قال بطريرك القدس للاتين إن الدمار شامل، موضحا أن مدينة غزة دُمرت بالكامل، وأعداد الضحايا كبيرة جدا. ولفت إلى أنه من الصعب جداً معرفة الأعداد الفعلية، لكن مما لا شك فيه أنها أعداد مرتفعة، لاسيما وسط المدنيين، وهذا أمر واضح تماما. رداً على سؤال بشأن كيفية إعادة بناء النسيج الاجتماعي والتعايش مع الأخذ في عين الاعتبار الصراع الراهن، والسعي إلى تخطي ما جرى، قال الكاردينال بيتسابالا إنه من السابق لأوانه أن نتحدث عن هذا الموضوع، لأن الحرب ما تزال مستمرة، مع وقع الصدمة التي سببتها. واعتبر أن ثمة حاجة للوقت كي ندرك مدى حجم الصدمة التي يعاني منها الجميع، والنتائج التي تترتب عليها. وأضاف أنه من الواضح أن المنطقة تحتاج لإعادة الإعمار، وثمة عزم على ذلك، لكن من السباق لأوانه أن نقول كيف ستتم عملية إعادة الإعمار ومن سيقوم بها، ووفقاً لأي معايير.

في معرض كلامه عن الأوضاع الراهنة في الضفة الغربية، قال غبطته إن المنطقة هي دائماً على شفير الانفجار، فالمشاكل اليومية مستمرة، لاسيما في بعض المناطق الشمالية، في جنين ونابلس. والصدامات بين سكان القرى العربية والمستوطنين اليهود لا تعرف وقفة، ما ولّد وضعاً من الاستنزاف الذي لا ينبئ بأي شيء جيد. بعدها أشار بيتسابالا إلى أن النقاش داخل إسرائيل موجود بشأن آفاق المستقبل، وهذا النقاش نفسه موجود أيضا داخل لبنان وأضاف أن لا أحد يريد الحرب لكن يبدو أن الجميع عاجزين عن وقفها وهذه هي المصيبة. واعتبر أنه في حال فُتحت الجبهة الشمالية ستحصل مأساة بكل معنى الكلمة خصوصا بالنسبة للبنان، الذي يمكن أن يتحول إلى غزة ثانية، أقله في المناطق الجنوبية. وأضاف غبطته أنه ليس خبيراً في الشؤون العسكرية، لكن من البديهي أن المشهد مفعم بالتوتر الشديد، والمنطقة تقف على أبواب المزيد من التصعيد.

لم تخل كلمات بطريرك القدس للاتين من الحديث عن الأوضاع التي يعيشها المسيحيون اليوم في الأرض المقدسة وقال إن المسيحيين ليسوا شعباً على حدة، إذ يعيشون الأوضاع نفسها التي تعيشها باقي مكونات المجتمع. وأضاف أن الجميع مطلع على الأوضاع في غزة، لكن الضفة الغربية لا تخلو من المشاكل الكبيرة، خصوصا من وجهة النظر الاقتصادية. وقال إن ثمة وضعاً من الشلل، وفرص العمل باتت شبه معدومة، ما يحفز السكان على البحث عن الهجرة، لاسيما المسيحيين.

بعدها سُئل غبطته عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الجماعة الدولية بعد نهاية الحرب وعمن يمكن أن يساهم في التوصل إلى السلام فأجاب قائلا إن هدف السلام يبدو اليوم بعيداً جداً، وأضاف أنه يتعين على القادة السياسيين والجماعة الدولية العمل اليوم من أجل وقف الصراع، معتبرا أن صنع السلام والتوصل إلى آفاق سياسية جادة يتطلبان وقتاً طويلاً. وأكد أنه لا بد أن تجد الجماعة الدولية الوسيلة الكفيلة بحمل حماس وإسرائيل على إنهاء الاقتتال والتوصل إلى وقف إطلاق النار، ما يشكل خطوة أولى باتجاه مرحلة أكثر استقراراً. ورأى بيتسابالا أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة ستؤثر على مجريات الأحداث في الشرق الأوسط، بيد أن الحلول ينبغي أن يتوصل إليها الطرفان المتنازعان، أي إسرائيل وحماس.

هذا ثم لفت غبطته إلى الجهود التي تبذلها بطريركية القدس للاتين في مجال المساعدات الإنسانية، مع أن الاحتياجات هائلة إذ يعيش في القطاع أكثر من مليوني شخص. وأكد أنه على الرغم من كل ما يجري لا بد من الحفاظ على الرجاء الذي يولد من الإيمان، مشيرا إلى أن الوضع الراهن يتطلب من الكنيسة أن تقف إلى جانب الأشخاص المتألمين، وأن تتعاون مع جميع العاملين لصالح الخير العام، وفي وقت تُشيد فيه الحواجز ينبغي على الكنيسة أن تحافظ على يدها الممدودة تجاه الآخرين. هذا هو الواجب الذي ينبع من خبرة الإيمان، وهذا ما يتعين علينا أن نقوم به في الوقت الراهن.

27 يونيو 2024, 19:40