البطريرك الراعي: الطوباوي الجديد مار اسطفان الدويهي هو مثال لنا في إيمانه بالله ورجائه وهو لنا منارة علم وقداسة
القى البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظة استهلها قائلا "نقيم اليوم على مقربة من دير سيدة قنوبين مقر البطاركة من سنة 1400 حتى سنة 1840، قداس الشكر لله على عطية الطوباوي الجديد البطريرك مار إسطفان الدويهي الذي عاش في هذا المقر طيلة بطريركيته التي دامت أربعًا وثلاثين سنة، ما بين 1670 و1704، ما عدا اضطراره مغادرته هربًا من جور الحكّام الحماديّين. إنه لنا اليوم علامة رجاء في المحنة. فإننا نشكر الله على هذه الهبة السماوية بشخص الطوباوي الجديد. ونشكر قداسة البابا فرنسيس الذي أمر بتسجيل إسمه بين الطوباويين في السماء، ونشكر نيافة الكردينال مارتشيلو سيميراو الذي مثّل قداسته (البابا) وأعلنه باسمه رسميا طوباويًا وحدد عيده في الثالث من أيار، ميلاده في السماء، وذلك في الاحتفال المهيب أول من أمس الجمعة في الصرح البطريركي في بكركي. ويطيب لي أن أهنئ كنيستنا المارونية وجميع الكنائس، ورعايا إهدن - زغرتا، وقنّوبين والديمان والجبّة، وكل لبنان واللبنانييّن ومسيحيي هذا الشرق، راجين تشفعه من أجل هبة الرجاء والسلام والنعم السماوية، ومن أجل سير العدالة في دعوى تفجير مرفأ بيروت في ذكراه الرابعة".
وأشار البطريرك الراعي في عظته إلى أن "الطوباوي الجديد البطريرك مار اسطفان الدويهي هو مثال لنا في إيمانه بالله ورجائه وهو لنا "منارة علم وقداسة". إنه منارة علم إذ ترك لنا وللأجيال المخطوطات التاريخية والليترجية والمتنوعة. فلا أحد يستطيع أن يكتب وينقّب ويصحح مثله. فهو أكبر البطاركة ولم يأت مثله ولن يأتي. وهو "منارة قداسة" فحياته كلّها إكليريكيًّا من عمر إحدى عشرة سنة تلميذًا في روما، وكاهنًا إثنتي عشرة سنة، وأسقفًا سنتين، وبطريركًا أربعًا وثلاثين سنة. فكان هو هو رجل إيمان وصلاة وتقشف وزهد وصبر على المحن التي رافقت حياته كلها من الداخل والخارج. وهو لنا علامة رجاء في حياتنا الحاضرة".
وأضاف غبطته يقول "تصادف اليوم الذكرى الرابعة لتفجير مرفأ بيروت، فإننا وجميع مطارنة الأبرشيات في لبنان والأراضي البطريركية وبلدان الإنتشار، نجدد إدانتنا لهذا التفجير الذي أوقع مئات القتلى وآلاف الجرحى وهدّم نصف العاصمة. كما نجدد تعازينا القلبية لأهالي الضحايا سائلين لها الراحة الأبدية ولهم العزاء الإلهي. ونقدّم صلاتنا من أجل شفاء الجرحى. ونطالب برفع التدخلات السياسية والحزبية عن القضاء لكي يستطيع التحرك من أجل العدالة والحقيقة لكي لا يتكرر مثل هذا الجرم. كما نطالب بتحقيق دولي طالما القضاء المحلي معطّل للسنة الرابعة. وإننا نقدم هذه الذبيحة الإلهية، بشفاعة الطوباوي الجديد البطريرك مار اسطفان، على نية ضحايا وشهداء مرفأ بيروت الذين سقطوا من دون أي مبرر، ومن أجل تحقيق العدالة".
وتابع البطريرك الراعي قائلا "من المؤسف حقا أن نشهد مهزلة إمتحانات الشهادة الثانوية الأخيرة التي أظهرت مدى التفشي الهائل للفساد والإخفاق التام في إدارة الامتحانات الرسمية. فلا عجب إذ تحجم الجامعات الأجنبية عن قبول الشهادة اللبنانية. إن هذا الأمر في غاية الخطورة، ولا يمكن القبول به ولا السكوت عنه. وبخاصة لأن لبنان يتميز، في محيطه العربي وفي العالم، بمستواه التربوي الرفيع. ومن المؤسف جدًّا أن نرى الانحطاط، الذي أصاب الدولة في لبنان، يطال الآن وبوضوح القطاع التربوي بشكل كارثي. وقد بدا ذلك جليًا من خلال محاولات إقصاء شريحة أساسية عن إدارة العملية التربوية كان لها تأثيرها الكبير، عبر التاريخ، في تمايز القطاع التربوي الذي جعل العديد من أهالي البلدان المجاورة يختارون مدرسة لبنان وجامعته لتربية أولادهم".
وختم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عظته قائلا " فلنصلِّ، أيها الإخوة والأخوات، إلى الله، بشفاعة الطوباوي الجديد البطريرك مار اسطفان، رجل العلم المقرون بالإيمان والقداسة، كي يرحم ضحايا تفجير المرفأ ويحرر القضاء، ويعيد إلى لبنان زهرة العلم وقداسة السيرة. له المجد والشكر، الآن وإلى الأبد، آمين".