بحث

الأنبا إبراهيم إسحق: يأتي عيد ميلاد الرب ليجـدّد الـيقين بـأنّ الله حـقّا حـاضـر لنا الأنبا إبراهيم إسحق: يأتي عيد ميلاد الرب ليجـدّد الـيقين بـأنّ الله حـقّا حـاضـر لنا 

الأنبا إبراهيم إسحق: يأتي عيد ميلاد الرب ليجـدّد الـيقين بـأنّ الله حـقّا حـاضـر لنا

"لـتساعـدنـا نـعمة مـيلاد رب المجد على الانفتاح والخروج مـن ذواتـنا، لـنكون شـهودًا عـلى مـثال الـرعـاة، الذين لــم يحتفظوا لأنفسهم بفرحه اللقاء بالمخلّص، بل شاركوا اخرين بما اختبروا" هذا ما قاله بطريرك الإسكندرية وسائر الكرازة المرقسيّة للأقباط الكاثوليك في عظته مترئسًا قداس عيد الميلاد

بمناسبة عيد الميلاد المجيد ترأس غبطة أبينا البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك، ورئيس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك بمصر، القداس الإلهي في كاتدرائية السيدة العذراء سيدة مصر، بمدينة نصر، شارك فيه عدد من مطارنة السينودس البطريركي المقدس للكنيسة القبطية الكاثوليكية بمصر، ورعاة الكاتدرائية، ورئيس، وكهنة الإكليريكية، والشمامسة الإكليريكيون وللمناسبة ألقى صاحب الغبطة عظة قال فيها بفرح وتهليل أهنئكم جميعًا بعيد ميلاد الرب يسوع.  يتميّز عيد الميلاد بمظاهر وعلامات خارجيّة عديدة، مثل المغارة وشجرة الميلاد وغيرها. هي لطيفة طالما أنّها لا تشتّت انتباهنا، بل تساعدنا على أن نعيش المعنى الحقيقيّ والمقدّس لعيد ميلاد يسوع، بحيث لا يكون فرحنا سطحيّا بل عميقًا.

تابع البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق يقول يأتي عيد ميلاد رب المجد يسوع المسيح، ليجـدّد الـيقين بـأنّ الله حـقّا حـاضـر لنا، يأتي كي يلتقي بنا: "ولد لكم اليوم مخلّص". لـم يـكتف ِ الخالق بـأن يُظهـر لنا آيـات رائـعة أو أن يكلّمنا ليـرشـدنا، بل شـاركـنا حدود إنـسانـيّتنا ووهـبنا آفاق محبته الإلـهيّة. "أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له"، كما نردّد في مدائح شهر كيهك. هذا هو سرّ التجسد الذي میّز وما زال يميّز تاريخ الإنسان "لأَنه هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ". لقد اختار عمانوئيل (الله معنا) أن يحضر في تاريخنا البشريّ بحدوده ومآسيه، في عالم يعاني من شر الانقسامات والحروب، ليعلن، بطريقة لا مثيل لها، عن قلب رحيم ومحبٍ للبشر.

أضاف بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك يقول الميلاد قبل كلّ شيء هو لقاء. اللقاء بشخص عمانوئيل، الله معنا، مع كلّ واحد منّا. هو النور الحقيقيّ الذي يهزم الظلمة التي تحاول غمر حياتنا وحياة الإنسانيّة كلّها. "النور أضاء في الظلمة والظلمة لم تدركه". من هنا تأتي هدية الميلاد متى قبلنا مولود بيت لحم بقلبنا وحياتنا وسمحنا له أن يدخل ويبارك حياتنا.  فبالميلاد الثاني الفوقاني تعود الحياة ويتعافى الـقلب ويتجـدّد الـرجـاء. ويصير عيد المـيلاد فرصة للاحـتفال بـالـثقة التي تغلب اليأس، والرجاء الذي يهب المعنى، فالله معنا ومازال يثق بنا. وفي الميلاد، نلتقي حنان ومحبّة الله الذي ينحني فوق محدوديّتنا وضعفنا وخطايانا.

تابع البطريرك الأنبا إبراهيم إسحق يقول وقف الله مرّةً وإلى الأبد إلى جانب الإنسان ليخلّصه وينفض عنه غبار بؤسه ويمحو خطاياه. ليلة الميلاد يولد رجاء للإنسانيّة بشكل عام وللكنسية بشكل خاصّ. فميلاد الرب يسوع هو مبادرة تجدّد فينا قدرة التغلّب عــلى القلق الــذي راح يــسيطر عــلى نفوس الكثيرين. فأننا نشعر أن جزءاً منّا، وهو الأكرم، مهدور. وبالرغم من تعدّد وتقدّم تقنيات التواصل، صار كثيرون يميلون الي الـبقاء فـي عـزلـة أضعفت قدرتهم عـلى الـتواصـل! فظهرت معاناة فقدان التوازن واختلال الهوية. في ليلة الميلاد تبيت البشرية، العطشى الي الله، خارج مغارة بيت لحم - مثل الـرعـاة البسطاء- الذين سيقودهـم الـروح الـقدس إلـى مـغارة بـيت لحم، ليلتقوا بمريم ويوسف والطفل تمامًا كما قيل لهم.وبـــعد أن رأى الـــرعـــاة "الله الظاهر في الجسد" أخـــبروا عـــنه بـــما قـــيل لـــهم فـــصاروا شـــهودًا ومـــعلنين للبشـــرى الـسارّة. "أَنتُمُ الَّذينَ اختارَهمُ اللهُ فقَدَّسَهم وأَحبَّهم، اِلبَسوا عَواطِفَ الحَنانِ واللُّطْفِ والتَّواضُع والوَداعةِ والصَّبْر".

أضاف بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك يقول لنبتهج فـي الـرب يـا أحـبائـي، ولـنفتح قـلوبـنا عـلى احـتياجـات مـن يـنقصهم الـفرح. "فقد أَرادَ الله أَن يُظهِرَ لِلأَجْيالِ الآِتيَة نِعمَتَه الفائِقةَ السَّعة بِلُطفِه لَنا في المسيحِ يسوع". لـتساعـدنـا نـعمة مـيلاد رب المجد على الانفتاح والخروج مـن ذواتـنا، لـنكون شـهودًا عـلى مـثال الـرعـاة، الذين لــم يحتفظوا لأنفسهم بفرحه اللقاء بالمخلّص، بل شاركوا اخرين بما اختبروا. لـيــكن احــتفالــنا وتــبادلــنا الــتهانــي فــي هــذا الــيوم تــعبيرًا عــن فرحة ايماننا أنّ الله مــعنا ويريد أن يرافقنا طريق حياتنا.

وختم بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك عظته بالقول نرفع صلاتنا متّحدين مع قداسة البابا فرنسيس وأصحاب الغبطة بطاركة الشرق. نــصلّي مــعا مــن أجــل الــبلاد التي تــعانــي ويــلات الحــرب والــدمــار والأزمــات خاصةً: ســوريــا، والسودان وأوكرانيا وفلسطين. نـــصلّي مـــن أجـــل وطـــننا الـــغالـــي مـــصر، ومـــن أجـــل ســـيادة رئـــيس الجـــمهوريّـــة عـــبد الـــفتاح الـسيسي وكـل ّ معاونيه، سائلين الرب ان يلـهمهم الـحكمة والتدبير الحسن لمواجهة التحديات المحلية والأزمات الدوليّة يا ربنا محب البشر، هبنا أن نتعلم ألا نغلق قلوبنا، لنرى في كل شخص صورة للك، وأن نبني جسور المحبة والتفاهم بين جميع النا. هبنا أن نرحّب بهدية سلامك ونشاركه القريبين والبعيدين، فنجلب فرحة عيد ميلادك لكل الجميع. أمين.

26 ديسمبر 2024, 11:38