البابا فرنسيس يستقبل قضاة محكمة الروتا الرومانية
استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الجمعة في القصر الرسولي قضاة محكمة الروتا الرومانية. وفي بداية كلمته أعرب الأب الأقدس عن سعادته للقائهم لمناسبة افتتاح السنة القضائية وأضاف أنه يريد ربط حديثه بما ذكر خلال كلمته إلى وفد المحكمة السنة الماضية وخاصة فيما يتعلق بالكثير من قرارات المحكمة خلال الفترات الأخيرة، حيث هناك من ناحية ضعف الإيمان الذي لا ينير كما يجب الرباط الزوجي، ومن ناحية أخرى كون الجوانب الأساسية لهذا الرباط تتضمن الإنجاب وعطية الأبناء وتربيتهم. ثم توقف البابا فرنسيس عند بطلان الزواج وشدد على ضرورة أخذ بعين الاعتبار قضايا هامة مثل ماذا سيكون مصير الأبناء ومَن لا يقبل البطلان من الزوجين. ومن هذا المنطلق فمن الضروري أن تتبع تأكيد المبادئ أفكار عملية ملائمة، مع تذكر دائما أن العائلة هي أساس المجتمع وأنها ستظل التركيبة الأكثر ملاءمة من أجل أن يتوفر للأشخاص الخير المتكامل الضروري لتنميتهم الدائمة. وواصل البابا أننا مدعوون بالتالي إلى البحث عن الطرق التي تقود إلى اختيارات متماشية مع المبادئ، وذكَّر بوعينا جميعا بمشقة الانتقال من المبادئ إلى الأفعال. أكد الأب الأقدس من جهة أخرى بأنه ولدى الحديث عن الخير المتكامل للأشخاص يجب التساؤل كيف يمكن له أن يتحقق في الأوضاع المتعددة التي يوجد فيها الأبناء.
ثم عاد قداسة البابا فرنسيس في حديثه إلى الجمعيتين العامتين لسينودس الأساقفة، الاستثنائية سنة 2014 والعادية سنة 2015، مذكرا بتأمل الآباء خلالهما حول العائلة وبطرحهم تساؤلات كانوا على وعي بصعوبة وربما استحالة الإجابة عليها، مثل كيفية الرد على أسئلة الأطفال حول عدم مشاركة الأب أو الأم لهم في تلقي المناولة عقب الانفصال في حال الزواج ثانيةً. وتابع الأب الأقدس أن مخاوف آباء السينودس واهتمام الكنيسة الأمومي بمثل هذه المعاناة قد وجدت أداة مفيدة في الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس "فرح الحب"، حيث تتضمن هذه الوثيقة توجيهات واضحة كي لا يكون أحد، وخاصة الأطفال، بمفردهم أو أن يعامَلوا كأداة ابتزاز من قِبل الوالدين المنفصلين. هذا وذكَّر البابا فرنسيس في حديثه بسنة "العائلة فرح الحب" التي أعلنها والتي ستبدأ في 19 آذار مارس القادم للتأمل في هذا الإرشاد الرسولي، مشيرا إلى أن العاملين في محكمة الروتا الرومانية يقدمون من خلال عملهم إسهاما ثمينا في مسيرة الكنيسة مع العائلات ومن أجلها.
وواصل قداسة البابا موجها الدعوة إلى قضاة المحكمة كي لا يتوقفوا فيما يُصدرون من أحكام عن الشهادة لقلق الكنيسة الرسولي، مع أخذ بعين الاعتبار أن الخير المتكامل للأشخاص يتطلب عدم الوقوف بلا حراك أمام التبعات الكارثية الممكنة لقرار بطلان الزواج. وذكر قداسته أن محكمتهم، ومثل المحاكم الكنسية الأخرى، مدعوة إلى جعل إجراءات الوصول الى الاعتراف بحالات بطلان الزواج أكثر إتاحة ومرونة وبقدر الإمكان مجانية. وتابع البابا فرنسيس حديثه إلى ضيوفه مذكرا بأن الكنيسة هي أم وأنهم يقدمون خدمة كنسية في مجال حيوي مثل العمل القضائي، وهم مدعوون إلى الانفتاح على آفاق هذه الرعوية الصعبة، ولكن غير المستحيلة، والمعنية بالاهتمام بالأطفال باعتبارهم ضحايا أبرياء لحالات قطع الرباط الزوجي أو الطلاق. ويعني هذا حسب ما واصل الأب الأقدس أن على القضاة ممارسة رسالتهم كخدمة مفعمة بحس رعوي، وذكّر بأن إعلان بطلان الزواج لا يمكن أن يُعتبر مجرد قرار قضائي، وأن حكم القاضي الكنسي لا يمكنه التغاضي عن الذاكرة بأنوارها وظلالها التي طبعت حياة لا فقط الزوجين بل والأبناء أيضا. وتضرع البابا فرنسيس كي ينير الروح القدس القضاة ويساعدهم على عدم نسيان تبعات أحكامهم، وخاصة خير الأطفال وسلامهم.
هذا وأراد قداسة البابا فرنسيس في ختام حديثه إلى قضاة محكمة الروتا الرومانية، الذين استقبلهم اليوم الجمعة لمناسبة السنة القضائية الجديدة، توجيه دعوة إلى الأساقفة للانفتاح بشكل أكبر دائما على التحدي المرتبط بهذه القضية. وتحدث عن مواصلة العمل بمثابرة وإكمال مسيرة كنسية ورعوية ضرورية كي لا يُترك لتدخلات السلطات المدنية وحدها المؤمنون المعانون جراء أحكام لا يتم قبولها. كما وأشار قداسته إلى أهمية مخيلة المحبة التي تشجع حساسية إنجيلية أمام المآسي العائلية التي يجب ألا يُنسى أبطالها. ثم أكد قداسة البابا تثمينه لكل من ضيوفه وأعرب عن الثقة في مواصلة محكمة الروتا الرومانية ممارسة مهمتها غير السهلة في خدمة التصميم الإلهي للزواج والعائلة، وطلب الأب الأقدس للجميع وعملهم عطايا الروح القدس ومنحهم بركته الرسولية سائلا إياهم الصلاة من أجله.