البابا فرنسيس: لنمنح الرب الفرصة لكي يفاجئنا ويوقظ قلوبنا
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها يروي الإنجيل الذي تقدّمه الليتورجيا في هذا الأحد الثاني من الصوم الكبير تجلي يسوع. ففيما كان يصلّي على جبل عالٍ، تَبَدَّلَ مَنظَرُ وَجهه، وصارَت ثِيابه بِيضًا تَتَلألأُ كَالبَرْق، وفي نور مجده تَراءَيا موسى وإيليا، وهما يكلمانه عن الفصح الذي ينتظره في أورشليم.
تابع البابا فرنسيس يقول إنَّ شهود هذا الحدث الاستثنائي هم الرسل بطرس ويوحنا ويعقوب الذين صعدوا الجبل مع يسوع. نحن نتخيلهم بعيون مفتوحة على مصراعيها أمام هذا المشهد الفريد. وهكذا كان الامر بالتأكيد. لكن الإنجيلي لوقا يشير إلى أن بُطرُسُ واللَّذانِ معَه كانوا قد أَثقَلَهُمُ النُّعاس ولكِنَّهُمُ استَيقَظوا فَعايَنوا مجد يسوع. يبدو نوم التلاميذ الثلاثة وكأنه نوتة متناقضة. فالرسل عينهم قد أثقلهم النعاس أيضًا في الجتسماني خلال صلاة يسوع اليائسة، الذي طلب منهم أن يسهروا. يذهلنا هذا النعاس في مثل هذه اللحظات المهمة.
أضاف الحبر الأعظم يقول ولكن إذا قرأنا بعناية، نرى أن بطرس ويوحنا ويعقوب قد أَثقَلَهُمُ النُّعاس قبل أن يبدأ التجلي، أي فيما كان يسوع يصلّي. من الواضح أنها صلاة استمرت لفترة طويلة في صمت واختلاء. وبالتالي يمكننا أن نتصوّر أنهم في البداية كانوا يصلون أيضًا إلى أن حلَّ عليهم التعب. أيها الإخوة والأخوات، ألا يشبه هذا النعاس في وقت غير مناسب الكثير من حالات النعاس التي تأتي إلينا خلال لحظات نعلم أنها مهمة؟ ربما في المساء، عندما نريد أن نصلي، ونقضي بعض الوقت مع يسوع بعد يوم قضيناه بين آلاف الاهتمامات والالتزامات. أو عندما يحين وقت تبادل بضع الكلمات مع العائلة وتكون قد خارت قوانا. نريد أن نكون مستيقظين، متنبِّهين، ومشاركين، وألا نفقد الفرص الثمينة، لكننا لا نستطيع، أو نتمكن من ذلك بطريقة ما.
تابع الأب الأقدس يقول إنَّ زمن الصوم الكبير هو فرصة في هذا المعنى. إنه فترة يريد فيها الله أن يوقظنا من السبات الداخلي. لأن – ولنتذكر هذا الأمر جيدًا - إبقاء القلب يقظًا لا يعتمد علينا فقط: بل هو نعمة، ويجب علينا أن نطلبها. وهذا ما يُظهره لنا تلاميذ الإنجيل الثلاثة: لقد كانوا صالحين، وقد تبعوا يسوع إلى أعلى الجبل، ولكنهم لم يتمكنوا بقوتهم من أن يبقوا مستيقظين. ولكنهم استيقظوا أثناء التجلي. يمكننا أن نعتقد أن نور يسوع هو الذي أيقظهم. على مثالهم، نحن أيضًا نحتاج إلى نور الله، الذي يجعلنا نرى الأمور بشكل مختلف؛ فيجذبنا ويوقظنا ويحيي الرغبة والقوة للصلاة والنظر إلى داخلنا وتكريس الوقت للآخرين. بقوة روح الله يمكننا أن نتغلب على التعب الجسدي.
أضاف الحبر الأعظم يقول في زمن الصوم هذا، وبعد التعب اليومي، سيفيدنا ألا نطفئ النور في الغرفة دون أن نضع أنفسنا في نور الله. لنمنح الرب الفرصة لكي يفاجئنا ويوقظ قلوبنا. ويمكننا أن نقوم بذلك، على سبيل المثال، من خلال فتح الإنجيل والسماح لكلمة الله بأن تُدهشنا، لأن الكتاب المقدس ينير خطواتنا ويجعل قلوبنا تتَّقد. أو يمكننا أن ننظر إلى المصلوب ونتعجب أمام حب الله المجنون، الذي لا يتعب منا أبدًا ولديه القدرة على أن يحوّل أيامنا، ويعطيها معنى جديدًا، ونورًا مختلفًا وغير متوقع.
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لتساعدنا العذراء مريم لكي نبقي قلوبنا مستيقظة لكي نقبل زمن النعمة هذا الذي يقدمه الله لنا.