لقاء البابا فرنسيس مع اليسوعيين في كندا
نشر الأب أنطونيو سبادارو مدير المجلة اليسوعية La Civiltà Cattolica (الحضارة الكاثوليكية) مقالا حول لقاء البابا فرنسيس اليسوعيين في كندا في ٢٩ تموز يوليو خلال زيارته الرسولية. وتجدر الإشارة إلى أن الرهبنة اليسوعية الإقليمية تشمل إلى جانب كندا هايتي أيضا. ورحب بالبابا فرنسيس في بداية اللقاء الأب مارك ريتسيتو وتحدث عن العمل بفرح ورجاء في كندا وسط الضعفاء على مَثل القديسين الشهداء في هذه الأرض.
وفي بداية حديثه أشار البابا فرنسيس إلى أن هذه هي المرة الثالثة التي يأتي فيها إلى كندا، حيث تعود المرة الأولى إلى سبعينيات القرن العشرين حين كان مسؤولا عن المبتدئين فزار بحكم مهمته هذه كلا من كولومبيا والمكسيك وكندا، ثم كانت الزيارة الثانية سنة ٢٠٠٨ لمناسبة المؤتمر الإفخارستي الدولي وقدم قداسته حينها تأملا موضوعه "الإفخارستيا تبني الكنيسة، سر الخلاص".
ثم تابع البابا فرنسيس مجيبا على الأسئلة والتي كان أولها حول زيارته الرسولية التي وصفها الأب الأقدس بحج توبة. وفي إجابته أشار البابا إلى العمل الموحَّد لأساقفة كندا مشددا على أن وحدة الأساقفة تُمَكن من مواجهة أية تحديات. وذكَّر قداسته بجهود مجلس أساقفة كندا في مسيرة المصالحة وحديثهم عن ضرورة عمل شيء، وأشار إلى أن هذا الإعداد للزيارة ولمسيرة المصالحة لم يقتصر على المناطق المرتبطة بقضية المدارس الداخلية. كما وأشار الأب الأقدس إلى لقائه رئيس الوزراء الكندي خمس سنوات مضت والذي سأل البابا عمل شيء فيما يتعلق بموضوع المدارس الداخلية. ثم أوضح البابا فرنسيس أن الأمور إن كانت تسير بشكل جيد فذلك ليس بفضل زيارته، فالأساقفة هم مَن فعل كل شيء بفضل وحدتهم، وشدد مجددا على أهمية وحدة الكنيسة مشيرا إلى أن العدو الأكبر لهذه الوحدة هو الإيديولوجيا.
أجاب البابا بعد ذلك على سؤال حول حديثه عن الحج والمصالحة والإصغاء وحول ارتباط هذه الأفعال برؤيته السينودسية للكنيسة، فقال إنه لا يحب صفة "سينودسي" وكأنها وصفة جديدة، وشدد على أن الكنيسة إما أن تكون سينودسية أو لا تكون كنيسة، وهو ما نريد التأكيد عليه في السينودس حول السينودسية. وتابع أن الكنيسة في الغرب قد فقدت تقليدها السينودسي بينما حافظت على هذا التقليد الكنيسة في الشرق. وتذكَّر البابا فرنسيس هنا عمله خلال سينودس الأساقفة سنة ٢٠٠١ كمقرر بدلا من الكاردينال إيغان، الذي كان عليه ان يعود إلى أبرشيته نيويورك بسبب مأساة ١١ أيلول سبتمبر. وقال إنه كان يجمع الأفكار والآراء ثم يعرضها على الأمانة العامة للسينودس التي كانت تقوم بعملية اختيار واستبعاد بعض الأفكار، لم يُفهم ما هو السينودس، قال البابا. ثم عاد قداسته إلى السينودس الأخير والذي أُجري في ختامه استطلاع لاختيار موضوع السينودس القادم، فجاء في المقدمة موضوعان، الكهنوت والسينودسية. ثم أراد الأب الأقدس التشديد مجددا على أن السينودس ليس لقاءً سياسيا أو لجنة برلمانية لاتخاذ قرارات، بل هو تعبير عن الكنيسة بطله الروح القدس، وإن لم يكن هناك الروح القدس فلن يكون هذا سينودسا. وأضاف البابا في هذا السياق أن أفضل كتاب حول لاهوت السينودس هو أعمال الرسل، حيث البطل وبوضوح هو الروح القدس. ليس السينودس تصويتا، تابع الأب الأقدس، أو جدلا بين أغلبية وأقلية.
جاء السؤال التالي حول تساؤل بعض الصحفيين لماذا يعتذر البابا فرنسيس في كندا باسم المسيحيين وليس باسم الكنيسة كمؤسسة. وقال الأب الأقدس في إجابته إنه لا يفهم هذا التساؤل، وأضاف إنه حين يتحدث فهو يفعل هذا لا بشكل شخصي أو باسم إيديولوجيا أو حزب. أنا أسقف، تابع البابا، أتحدث باسم الكنيسة، لا باسمي، وذلك حتى إن لم أذكر هذا بوضوح لأنه أمر بديهي.
ثم كان سؤال آخر حول أهمية التعاون في مجال الاتصالات الكنسية، وشدد البابا فرنسيس في إجابته على أهمية توسيع الحوار ليشمل الأساقفة أيضا. وأراد قداسته في هذا السياق الإشارة إلى تساؤل بعض وسائل الإعلام عن سبب عدم لقائه خلال الزيارة الرسولية ضحايا التعديات الجنسية، وقال إنه قد أوضح في إجابته على رسائل حول هذا الأمر قبل الزيارة أن هذا يعود إلى سببين، الأول هو الوقت وبرنامج الزيارة، والثاني رغبته في تسليط الضوء على موضوع هام، أي السكان الأصليين. وتابع أن كثيرين قد أجابوه متفهمين هذا الأمر.
وفي إطار الحديث عن التعديات تطرق اللقاء إلى التغييرات التي أدخلها البابا فرنسيس على الصعيد الجنائي أيضا لمواجهة هذه الآفة. وأكد قداسته أن القانون يرافق الحياة وأن الحياة تسير إلى الأمام، ما يعني أنه لا يمكن للقانون أن يبقى مجمَّدا، وينطبق هذا على الأخلاقيات أيضا. كما وتحدث عن الفرق بين التقاليد والتقليدية.
وفي ختام لقائه مع اليسوعيين في كندا تحدث البابا فرنسيس عن ألمه أمام ما يحدث في هايتي، ثم أجاب على سؤال حول الليتورجيا ووحدة الكنيسة. وقال في هذا السياق إنه يواصل نهج البابا يوحنا بولس الثاني والبابا بندكتس السادس عشر، وقد أثبت الواقع ضرورة تنظيم هذا الأمر، وفي المقام الأول ألا يكون موضوع "موضة" بل أن يظل موضوعا راعويا.