البابا فرنسيس يستقبل جماعة المعهد الحبري الأمريكي اللاتيني
استقبل البابا فرنسيس قبل ظهر اليوم الاثنين جماعة المعهد الحبري الأمريكي اللاتيني. ووصف قداسته في بداية كلمته السنوات التي يقضونها في روما بزمن نعمة يهبهم إياها الرب كي يتعمقوا في تنشئتهم وذلك لا فقط على الصعيد الفكري والأكاديمي، بل وأيضا لاختبار ثراء وتنوع الكنيسة الجامعة. وأضاف أن الثراء والتنوع صفتان تميزان أيضا شعوب أمريكا اللاتينية حيث سيعود الطلاب ليكونوا رعاة للقطيع الذي توكله إليهم الكنيسة، رعاة للشعب، لا إكليروسا رسميا، وحذر قداسته من النزعة الإكليروسية التي وصفها بأحد أشكال الدنيوية الروحية. وتابع البابا فرنسيس متحدثا عن أن المسيحيين الأوائل كانوا أيضا من شعوب وحضارات مختلفة، وكان الروح القدس الذي حل عليهم ما جعلهم قلبا واحدا ونفسا واحدة يتكلمون اللغة ذاتها، لغة المحبة، جعلهم تلاميذ يسوع ومرسليه حتى أقاصي الأرض.
وواصل البابا فرنسيس أنه، وانطلاقا من شخصية أندراوس التلميذ والرسول، يريد التأمل في كلمتَي تلميذ ومرسَل. وتوقف الأب الأقدس في كلمته عند حديث إنجيل القديس يوحنا عن أندراوس الذي كان أحد التلاميذ الأوائل والذي، وأمام قلقه ليعرف جيدا مَن هو المعلم، قال يسوع له وللتلميذ الآخر "هلما فانظرا"، فذهبا ونظرا أين يقيم فأقاما عنده ذلك اليوم. وشدد البابا فرنسيس بالتالي على ضرورة تجديد اللقاء مع الرب بشكل يومي وتقاسُم كلمته والبقاء في صمت أمامه لنرى ما يقول لنا وماذا يفعل، كيف يشعر ويحب. فلندعه يكون الكلمة في حياتنا، قال قداسة البابا، ولا نَحول دون أن يعمل في خدمتنا بشكل مباشر، وليكن ليسوع صوت فعال في كل قراراتنا، فنحن خدامه، إليه ننتمي، وقد دعانا كي نكون معه، هذا هو معنى أن نكون تلاميذه.
وعاد البابا فرنسيس إلى أندراوس فقال إن لقاءه يسوع قد حوله، ولم يكن له إلا أن يعلن ما رأى، وكان أول من التقى ليخبره بما رأى أخاه سمعان بطرس قائلا له "وجدنا المسيح" ثم جاء به إلى يسوع، وهكذا تصرف أندراوس كمرسَل. وتابع الأب الأقدس قائلا لضيوفه إن أخوتنا وأخواتنا، وخاصة أولئك الذين لم يختبروا محبة الرب ورحمته، ينتظروننا كي نعلن لهم بشرى يسوع السارة ونقودهم إليه. أن نخرج ونتحرك، أن نحمل فرح الإنجيل، هذا هو معنى أن نكون مرسلين.
ثم انطلق قداسة البابا من حديث القديس مرقس عن دعوة يسوع التلاميذ والمرسلين "فأقام منهم اثني عشر كي يصحبوه فيرسلهم يبشرون"، وتوقف البابا فرنسيس هنا عند ما وصفها بمسيرة تنطلق من يسوع وإليه تعود وهذا هو معنى حياتنا، قال قداسته، أن يكون يسوع نقطة الانطلاق ونقطة الوصول. وشدد على ضرورة ألا ننسى أن كوننا مع يسوع وانطلاقنا لإعلانه يعنيان أيضا أن نكون مع الفقراء والمهاجرين والمرضى، المساجين والصغار والمنسيين من قِبل المجتمع، وذلك كي نتقاسم معهم الحياة ونعلن لهم محبة الله غير المشروطة. وذكّر قداسته بأن يسوع حاضر في هؤلاء الأخوة والأخوات الأكثر ضعفا، وهنا ينتظرنا بشكل خاص. وتابع البابا مذكرا أيضا بضرورة العودة إلى يسوع كل ليلة بعد يوم طويل. وأراد البابا فرنسيس في هذا السياق تحذير ضيوفه من إدمان شاشات الهواتف المحمولة بدلا من إدمان اللقاء بيسوع الذي يعرف ماذا نريد ولديه كلمة يقولها لنا في كل مناسبة.
وفي ختام كلمته إلى جماعة المعهد الحبري الأمريكي اللاتيني دعا قداسة البابا فرنسيس ضيوفه إلى طلب مساعدة العذراء سيدة غوادالوب في مسيرة التتلمذ والعمل الرسولي ومرافقتها لهم في مسيرة الذهاب والعودة الحيوية هذه التي من يسوع تنطلق نحو الأخوة لتعود بالأخوة إلى يسوع للقائه. طلب الأب الأقدس بعد ذلك شفاعة القديس أندراوس ثم شكر ضيوفه على هذه الزيارة راجيا لهم بقاءً جيدا في روما وسألهم ألا ينسوا أن يُصلوا من أجله.