خطاب البابا إلى المشاركين في رحلة حجّ من أجل رفع الشكر لله على احتفال تطويب أرميدا باريلي
وجه الحبر الأعظم للحاضرين خطاباً استهله شاكراً الجميع وخاصاً بالذكر الجامعة الكاثوليكية للقلب الأقدس في ميلانو، لافتا إلى أن أرميدا باريلي كانت من بين مؤسسي الجامعة، وأكد أن هذه المرأة تمكنت من صنع أعمال كبيرة، وفعلت ذلك بفضل نسج شبكة من العلاقات في مختلف أنحاء إيطاليا وهذا ما يظهر من خلال رسائلها العديدة، وحذّر فرنسيس من مغبة الاتجاهات المعاكسة لهذا التصرف والتي تضر بالحياة العائلية، وهي موجودة على المستوى الاجتماعي، فضلا عن انتشار الاستقطاب والتطرف اللذين لا يتركان فسحة للحوار وينالان من البعد الإنساني. بعدها تحدث البابا عن حاجتنا اليوم إلى نموذج متكامل، يتميز بالكفاءة والنشاط، وهما صفتان غالباً ما يتم ربطهما بأدوار الرجال، مع الاهتمام أيضا بالعلاقات والإصغاء والقدرة على التوسط ونسج الشبكات، وهي نشاطات ميزت دوما عمل المرأة. وأكد الحبر الأعظم أن الطوباوية باريلي ساهمت، من خلال جامعة القلب الأقدس، في تنشئة الضمير المدني لدى آلاف الشبان ومن بينهم العديد من النسوة. وهذا النشاط ظهر بشكل جلي، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، عندما حان موعد إعادة إعمار إيطاليا وعندما انطلقت العملية الديمقراطية. وقال البابا إن ثمة حاجة اليوم أيضا إلى نسوة، يحركهن الإيمان، قادرات على ترك بصمة في الحياة الروحية وفي التربية والتنشئة المهنية. هذا ثم توجه البابا إلى الشبان المنتمين إلى حركة "العمل الكاثوليكي"، وذكرهم بأن باريلي كانت أيضا رسولة، وشكلت حياتها مثالا على ملكوت الله الذي ينمو ويُثمر في كل مكان، وأظهرت لنا كيف أن الرب يصنع أموراً عظيمة عندما يستسلم الأشخاص لمشيئته ويعيشون الوداعة والإبداع والعمل الدؤوب. وأكد فرنسيس أن سيرة حياة الطوباوية تتحدث عن مثابرتها في المكوث إلى جانب الرب، كغصن الكرمة، وتُظهر رغبتها في عيش هذه الخبرة مع الجميع. وأوضح البابا أنها شاءت أن تجعل من حياتها عطية للآخرين، وأن تجعل من نفسها "رسالة"، بغض النظر عن محدودياتها ونواقصها. تابع البابا كلمته لافتا إلى أن كوننا رسلا اليوم يتطلب من العلمانيين أيضا أن يحركهم شغف الإنجيل والحياة، والاهتمام بالجميع، وبناء دروب من الأخوة كي يولد مجتمع أكثر عدلاً واشتمالية وتضامنا. ورأى فرنسيس أنه من الجميل أن يختبر الشبان والشابات هذه الحياة معاً ضمن جماعة تعرف كيف تصغي وتتحاور مع الكل. وحثّ الحاضرين على البحث عن دروب يسيرون فيها مع الآخرين في مجالات الاقتصاد والثقافة والسياسة والمدرسة والعمل، مع إيلاء اهتمام خاص بالصغار والضعفاء والفقراء، والبحث عن السلام والعدالة. وذكّر بأن هذا ما فعلته الطوباوية باريلي متوكلة تماماً على الرب. هذا ثم حدث البابا ضيوفه عن أهمية الرسوخ في حياة كنائسهم المحلية، لافتا إلى أن هذا الأمر يساعدهم على فتح الآفاق على العالم، وشدد على ضرورة تلبية دعوة الطوباوية إلى محبة الآخرين بشكل غير محدود، مذكرة بأن محبة الله قادرة على تبديل حياة الأشخاص، وعلى إطلاق مسارات للتجدد الاجتماعي. بعدها توجه البابا إلى جمعية مرسلات ملكوية المسيح، التي تتألف من نسوة علمانيات مكرسات، وقال إن تكريس العلمانيين هو دعوة، مشيرا إلى أن موافقة البابا بيوس الثاني عشر على إنشاء جمعيات للعلمانيين المكرسين، كانت خياراً ثورياً في الكنيسة وعلامة نبوية. وأكد فرنسيس أن هذه الحياة تعكس طريقة جديدة للعيش بالنسبة للعلمانيين والعلمانيات الساعين إلى إعطاء حياة لبذور كلمة الله، وهم يعرفون كيف يقيمون ما هو خيّر في واقعنا الأرضي، ويعززون القيم البشرية وينسجون العلاقات ويشهدون للإنجيل. وأضاف فرنسيس في الختام أن الطوباوية باريلي اختارت نمط العيش هذا واقترحت صورة جديدة للمرأة التي لا تُهمش بل تُرسل لبناء الملكوت وتتمتع بالثقة التامة. هذا ثم شكر البابا جميع الحاضرين في الساحة الفاتيكانية على زيارتهم وطلب منهم أن يصلوا من أجله. |