في كلمته قبل تلاوة التبشير الملائكي البابا يتحدث عن زمن المجيء مسلطاً الضوء على معنى السهر المسيحي
قال البابا: في الأحد الأول من زمن المجيء تقترح علينا الليتورجية مقطعاً من الإنجيل يتوجه يسوع من خلاله إلينا بثلاث مناشدات بسيطة ومباشرة "اسهروا". الموضوع إذا هو السهر. كيف ينبغي أن نفهم ذلك؟ نفكر أحياناً بهذه الفضيلة كموقف الخوف من عقاب آت، كما لو كان نيزك سيسقط من السماء ويهدد باستهدافنا إن لم نحيد عنه في الوقت المناسب. لكن بالطبع هذا ليس معنى السهر المسيحي! إن يسوع، تابع البابا يقول، يفسر ذلك من خلال مثل يتحدث عن سيد يعود وعن خدامه الذين ينتظرونه. الخادم في الكتاب المقدس هو شخص يثق به سيده، وتربطه به غالباً علاقة من التعاون والمحبة. لنفكر، على سبيل المثال، أن موسى وُصف بخادم الرب. ومريم أيضا قالت عن نفسها "ها أنا أمة الرب". إذاً سهرُ الخدام ليس مصنوعاً من الخوف، بل من الرغبة، بانتظار ملاقاة سيدهم الآتي. يكونون مستعدين عند عودته لأنهم يحبونه، لأنهم يريدونه أن يجد، عندما يعود، بيتاً مضيافاً ومرتباً: إنهم مسرورون لرؤيته، فينتظرون عودته لتكون احتفالاً بالنسبة للعائلة كلها التي ينتمون إليها. مضى الحبر الأعظم إلى القول: بهذا الانتظار المفعم بالمحبة نود أن نستعد نحن أيضا لاستقبال يسوع: في عيد الميلاد، الذي سنحتفل به بعد بضعة أسابيع؛ في نهاية الأزمنة عندما سيعود بالمجد؛ وكل يوم، عندما يأتي لملاقاتنا في الإفخارستية، في كلمته، في الأخوة وفي الأخوات، لاسيما الأشد عوزا. وفي هذه الأسابيع، بنوع خاص، نُعد باعتناء بيت القلب، كي يكون مرتباً ومضيافا. السهر في الواقع يعني الحفاظ على القلب جاهزا. إنه موقف الحارس، الذي لا يستسلم لتجربة التعب في الليل، لا ينام، بل يبقى صاحياً بانتظار النور الآتي. الرب هو نورنا – تابع البابا قائلا – ومن الجميل أن نُعد القلب لاستقباله بواسطة الصلاة، ولاستضافته بواسطة المحبة. بهذه الطريقة يشعر الرب أنه مرتاح. بهذا الصدد يُروى عن القديس "مارتينو من تور"، الذي كان رجل صلاة، أنه بعد أن أعطى نصف معطفه لشخص فقير، حلم بيسوع مرتدياً هذا الجزء من المعطف الذي قدّمه. هذا هو برنامج جميل لزمن المجيء: أن نلتقي بيسوع الآتي في كل الأخوة والأخوات المحتاجين لنا، وأن نتقاسم كل ما أمكن معهم: الإصغاء، الوقت والمساعدة الملموسة. هذا ثم قال البابا: أيها الأعزاء، من المفيد أن نتساءل اليوم كيف نُعد قلباً مضيافا للرب. يمكن أن نفعل ذلك من خلال الاقتراب من مغفرته، وكلمته ومائدته، وإيجاد فسحة للصلاة، واستقباله بواسطة الأشخاص المحتاجين. لننمّي انتظاره دون الالتهاء بالكثير من الأمور التي لا فائدة منها، دون التذمر باستمرار، بل مبقين القلب ساهراً، أي راغباً فيه، يقظاً ومستعدا، ينتظره بفارغ الصبر. لتساعدنا مريم العذراء، امرأة الانتظار، في استقبال ابنها الآتي. |