البابا فرنسيس: الكنيسة تحتاج إلى شجاعة قديسي الحياة اليومية
"التاريخ العريق للاستشهاد المسيحي لم ينقطع يوماً وما تزال الأيديولوجيات المجنونة تغذي الحقد وتقتل الكثيرين، فقط لأنهم لم يتخلوا عن كونهم تلامذة ليسوع" بهذه العبارات شاء البابا أن يبدأ توطئة الكتاب الجديد الذي أعده ماركو غالاو الأستاذ في الجامعة الكاثوليكية الحبرية الأرجنتينية في بوينوس أيريس، وصدر عن دار النشر Editrice Morcelliana. تم تقديم الكتاب يوم الجمعة الفائت في الفاتيكان بحضور المؤلف، وأمينة سر اللجنة الحبرية لأمريكا اللاتينية السيدة Emilce Cuda والصحفية في جريدة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانية Claudia Silvina Perez، فضلا عن أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة مودينا ريجيو إيميليا جياني لا بيلا، وقام بنشيط الحوار مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي ماتيو بروني. كتب الحبر الأعظم أن المجلد يساعد القارئ على معرفة وفهم القداسة، من خلال التاريخ، ويُظهر قوة الشر، وثمار الاستشهاد وهذه الثمار هي بحد ذاتها هزيمةٌ للجلادين والمجرمين الذين اعتقدوا لبرهة من الزمن أنهم انتصروا، مع العلم أن العمل يسلط الضوء على حياة العديد من رجال الدين والمواطنين العلمانيين الذين اضطُهدوا في ظل الحكم العسكري الدكتاتوري في الأرجنتين خلال سبعينيات القرن الماضي. وأضاف البابا فرنسيس أن الكتاب يساعدنا على إبقاء الذاكرة حية ويفتح نافذة، لا على الأرجنتين وحسب، بل على عالم من شهود الإيمان الذين ما يزالون يذرفون دماءهم في مناطق عدة من العالم. وكتب البابا أن الكتاب يطالع القارئ بلائحة بأسماء رجال ونساء، كهنة وأساقفة قُتلوا أو فُقدت آثارهم في الأرجنتين خلال تلك السنوات الرهيبة، وهذه اللائحة نمت مع مرور الوقت بفضل عمل اللجنة الوطنية المعنية بالمفقودين. وذكّر برغوليو هنا أنه عندما كان كاردينالا ورئيس أساقفة على بوينوس أيريس تسلم اللائحة من المطران كارميلو جاكوينتا، وقد دعا هذا الأخير شخصيا إلى جمع كل المعلومات المتوفرة حول هؤلاء المسيحيين، والظروف التي قُتلوا فيها. وأضاف البابا أن ما لا ريب فيه أنه يوجد من بين هؤلاء الأشخاص شهداء حقيقيون، خصوصا وأن الحقد تجاه الإيمان كان السبب الرئيس والمباشر وراء استشهادهم. بعدها شاء البابا أن يتوقف عند عبارتين ألا وهما نعمة ونقمة. وذكّر بأن الرب يسوع خاطب تلاميذه ودعاهم كي لا يخافوا لأن العالم سيكرههم وسيضطهدهم، مؤكداً أن العالم كرهه هو من قبلهم. ولفت فرنسيس إلى أن الشهيد يُنظر إليه على أنه بطل، لكنه في الجوهر شخص حظي بنعمة من الله، وأن هذه النعمة التي يمنحها الله هي التي تصنع الشهيد، لا الشجاعة وحسب. وختم البابا توطئة الكتاب مشيرا إلى أن كنيسة اليوم هي بحاجة ماسة إلى شهود، إلى قديسي الحياة اليومية، إلى الأشخاص الذين لديهم شجاعة قبول هذه النعمة حتى النهاية، حتى الموت. |