البابا فرنسيس للشباب: أنتم الرجاء الحي لكنيسة تسير!
بمناسبة الذّكرى السنوية الخامسة للإرشاد الرّسوليّ "Christus vivit"وجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة إلى الشباب كتب فيها أيّها الشّباب الأعزّاء، إنَّ المسيح يحيا ويريدكم أحياء! إنّه يقين يملأ على الدوام قلبي بالفرح، ويدفعني الآن لكي أكتب إليكم هذه الرّسالة، بعد خمس سنوات من صدور الإرشاد الرّسوليّ "Christus vivit"، ثمرة الجمعيّة العامّة لسينودس الأساقفة الذي كان موضوعه "الشباب والإيمان وتمييز الدّعوات".
تابع البابا فرنسيس يقول أودّ أوّلًا أن تنعش كلماتي فيكم الرجاء. في الواقع، في السّياق الدّوليّ الحاليّ، المطبوع بالعديد من الصّراعات والآلام، يمكنني أن أتخيّل أنّ العديد منكم يشعرون بالإحباط. لذلك أريد أن أنطلق معكم مجدّدًا من الإعلان الذي هو أساس الرّجاء لنا وللبشريّة جمعاء: "المسيح يحيا!". أقول هذا لكلّ واحد منكم بشكل خاص: المسيح يحيا ويحبّك بلا حدود. وحبّه لك لا يتأثّر بسقطاتك أو أخطائك. هو الذي بذل حياته من أجلك، لا ينتظر أن تصبح كاملاً لكي يحبّك. أُنظر إلى ذراعَيه المفتوحَتَين على الصّليب واسمح له بأن يخلِّصك مجدّدًا وعلى الدوام، وسرّ معه كما مع صديق، واقبله في حياتك واسمح له بأن يشاركك أفراح وآمال، وآلام وقلق شبابك. سترى أنّ مسيرتك ستستنير، وأنّّ حتى الأحمال الأكثر ثقلاً ستصبح أخفّ، لأنّه سيكون هنا لكي يحملها معك. لهذا السّبب، تضرَّع يوميًّا إلى الرّوح القدس الذي "يُدخِلُك أكثر فأكثر في قلب المسيح لكي تفيض على الدوام بمحبّته ونوره وقوّته.
أضاف الأب الأقدس يقول كم أرغب في أن يصل هذا الاعلان إلى كلّ واحد منكم، وأن يراه كلّ واحد حيًّا وحقيقيًّا في حياته ويشعر بالرّغبة في أن يشاركه مع أصدقائه! نَعم، لأن لديكم هذه الرّسالة الكبيرة: أن تشهدوا أمام الجميع للفرح الذي يولد من الصّداقة مع المسيح. في بداية حبريتي، خلال اليوم العالميّ للشّباب في ريو دي جانيرو، قلت لكم بقوّة: "أسمِعوا صوتكم!". واليوم أطلب منكم ذلك مرّة أخرى: أسمِعوا صوتكم، اصرخوا ونادوا بهذه الحقيقة، لا بقوّة صوتكم بل بحياتكم وقلبكم: المسيح يحيا! لكي تُدفع الكنيسة بأسرها لكي تنهض مجدّدًا وتنطلق مجدّدًا في مسيرة وتحمل إعلانها إلى العالم أجمع.
تابع البابا فرنسيس يقول في ١٤ نيسان/أبريل المقبل، سنحتفل بالذكرى السنوية الأربعين لأوّل تجمّع كبير للشباب الذي كان في إطار السنة المقدّسة للفداء، بذرة الأيام العالميّة للشباب في المستقبل. وفي نهاية سنة اليوبيل هذه، في سنة ١٩٨٤، سلّم القدّيس البابا يوحنّا بولس الثّاني الصّليب للشباب مع مهمّة أن يحملوه في جميع أنحاء العالم كعلامة وتذكير بأنّ الخلاص والفداء هما فقط في يسوع الذي مات وقام من بين الأموات. وكما تَعلَمون جيّدًا، إنّه صليب خشبيّ بدون المصلوب، لكي يذكّرنا بأنه يحتفل بانتصار القيامة، وانتصار الحياة على الموت، لكي نقول للجميع: "لِماذا تَبحَثون عنِ الحَيِّ بَينَ الأَموات؟ إِنَّه لَيسَ هٰهُنا، بل قام". هكذا تأمّلوا بيسوع: حيٌّ ويفيض فرحًا، منتصر على الموت، وصديق يحبّكم ويريد أن يحيا فيكم. هكذا فقط، في نور حضوره، ستكون ذكرى الماضيّ خصبة وستتحلّون بالشّجاعة لكي تعيشوا الحاضر وتواجهوا المستقبل برجاء. وستتمكنون من أن تلتزموا بحرّيّة بتاريخ عائلاتكم، وأجدادكم، وآبائكم، والتّقاليد الدّينيّة لبلدانكم، لكي تكونوا بدوركم بناة للمستقبل، و"صانعيّ" المستقبل.
أضاف الأب الأقدس يقول إنَّ الإرشاد الرّسوليّ "Christus vivit" هو ثمرة كنيسة تريد أن تسير معًا، وبالتّالي تضع نفسها في إصغاء وحوار وفي تمييز دائم لإرادة الرّبّ. لهذا السّبب، ولأكثر من خمس سنوات خلت، في ضوء السينودس حول الشباب، طُلب من العديد منكم، من مختلف أنحاء العالم، أن يشاركوا انتظاراتهم ورغباتهم. وجاء مئات الشّباب إلى روما وعملوا معًا لبضعة أيام، وجمعوا الأفكار التي أرادوا أن يقترحوها: وبفضل عملهم، تمكّن الأساقفة من أن يعرفوا ويعمِّقوا رؤيّة أوسع وأعمق للعالم والكنيسة. لقد كانت "خبرة سينودسيّة" حقيقيّة، حملت ثمارًا وافرة وأعدّت الطّريق أيضًا لسينودس جديد، ذلك الذي نعيشه الآن، خلال هذه السّنوات، حول السّينودسيّة. وكما نقرأ في الوثيقة الختاميّة لعام ٢٠١٨، "إنّ مشاركة الشّباب قد ساهمت في "إيقاظ" السّينودسيّة، التي هي "بعد تأسيسيّ للكنيسة". والآن، في هذه المرحلة الجديدة من مسيرتنا الكنسيّة، نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى لإبداعكم لكي نكتشف دروبًا جديدة، في الأمانة لجذورنا.
وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول أيّها الشّباب الأعزّاء، أنتم الرّجاء الحيّ لكنيسة تسير! ولهذا أشكركم على حضوركم وإسهامكم في حياة جسد المسيح. ومن فضلكم: لا تبخلوا علينا أبدًا بضجيجكم السليم، واندفاعكم مثل محرّك لامع سريع، وأسلوبكم المميّز في عيش وإعلان فرح يسوع القائم من بين الأموات! لهذا أصلّي، وأنتم أيضًا، من فضلكم، صلّوا من أجلي.