البابا فرنسيس يستقبل سلاح النقل والمعدات التابع للجيش الإيطالي
استهل البابا كلمته معربا عن سعادته للقاء ضيوفه في الذكرى السنوية السبعين لإعلان القديس كريستوفوروس شفيعا لهم، وذلك في الرابع من تشرين الثاني نوفمبر عام ١٩٥٤، من قبل البابا بيوس الثاني عشر، ولفت الحبر الأعظم إلى أنه هو أيضا متعبد لهذا القديس ويحمل دائما أيقونته لمساعدته في المضي قدما. وأضاف أن يُسر جداً بوجود هذه الوحدة العسكرية التي طلبت وحصلت على رعاية عالية من هذا الشهيد القديس الذي ضحى بحياته ليشهد للمسيح القائم من بين الأموات. وهذا يعني في المقام الأول الاعتراف بأنه لا توجد مهنة أو وضع حياتي لا يحتاج إلى أن يرتكز على قيم حقيقية عميقة، ولا يحتاج إلى حماية إلهية. وقال فرنسيس بهذا الصدد إنه كلما زادت مهنة الإنسان التي تنطوي على إمكانية إنقاذ الأرواح أو فقدانها، وعلى إمكانية تقديم الدعم والمساعدة والحماية، كلما احتاج إلى الحفاظ على قانون أخلاقي سامٍ وإلهام مستمد من الأعلى.
مضى الحبر الأعظم إلى القول إن وجود قديس شفيع والاعتزاز به يعني الالتزام، في خدمة الوطن، والعمل بأسلوب يضع في القمة كرامة كل إنسان، الذي هو صورة الخالق، مذكراً بأننا جميعاً خُلقنا على صورة الله. وأشار إلى أهمية هذا الأسلوب الهادف إلى الدفاع عن أضعف الأشخاص وأولئك المعرضين للخطر إما بسبب الحروب أو الكوارث الطبيعية أو الأوبئة. وقال البابا في هذا السياق إن تكريم هذا القديس الشفيع يعني أيضا الاعتراف بأن الخبرة والشعور بالواجب وإنكار الذات لكل فرد كلها أمور ضرورية، ولكن بالإضافة إلى ذلك من الضروري أيضا أن نبتهل من السماء هذه النعمة الإضافية، التي لا غنى عنها من أجل تنفيذ المهام التي يتم القيام بها بأفضل طريقة ممكنة. وهذا الأمر يتطلب الاعتراف بأننا لسنا كاملي القدرة، وأننا لا نسيطر على كل شيء ونحن بحاجة إلى نعمة إلهية.
بعدها شاء البابا أن يشيد بالوعي الذي يتمتع به ضيوفه حيال قيمة ودقة المهام الموكلة إليهم، وهذا يحصل فجأة، عندما يُطلب منهم التدخل في عمليات لحماية السلام، أو مواجهة عواقب الكوارث الطبيعية، فضلا عن مهام الحماية المدنية والأنشطة اللوجستية التي لا غنى عنها، على هذا الصعيد. وذكّر بأن سلاح النقل والمعدات التابع للجيش الإيطالي قدّم الدعم للمواطنين وللسلطات المحلية والإقليمية في أوضاع مختلفة من الطوارئ مثل الزلازل والفيضانات والجائحة، فقد أقدم هؤلاء الرجال والنساء على إنشاء المخيمات وغرف الانتظار ومستشفيات ميدانية، كما قاموا بنقل المستلزمات الضرورية والمواد المفيدة لإعادة الإعمار وتنفيذ حملات التلقيح. هذا فضلا عن تواجدهم أيضا خارج الحدود الوطنية في إطار بعثات حفظ السلام، وقد كُلفوا بنشاطات الإمدادات، سواء بالنسبة للوجستيات العسكرية أو لنقل وتوزيع مختلف المواد والإمدادات للأغراض الإنسانية.
هذا ثم لفت الحبر الأعظم إلى أن السلوك في الوقت المناسب والمنسق جيدا والمستمر لجميع هذه الأنشطة له اسم محدد، ألا وهو "الخدمة"، موضحا أن الأمر ينطوي على وضع الذات بتصرف الصالح العام، وعدم توفير الطاقة والجهد، وعدم التراجع أمام المخاطر من أجل تنفيذ المهام المطلوبة والتي غالبا ما تهدف إلى إنقاذ الأرواح البشرية وهذا الأمر يتطلب أحياناً التضحية بالسلامة الشخصية. وأضاف فرنسيس أن الخدمة هي التي تمنحنا الكرامة. والخادم لهم كرامة عظيمة.
من هذا المنطلق شدد البابا على ضرورة ألا يبتعد هؤلاء الرجال والنساء، في ختام خدمتهم الفعلية، عن سلاح النقل والمعدات التابع للجيش الإيطالي، إذ لا بد أن يختاروا أن يكونوا جزءا من الجمعية الوطنية للمسعفين في إيطاليا. ويمكنهم أن يفعلوا ذلك كمتطوعين، يقدمون مساعدتهم للمجتمع، ويشهدون على أن الرغبة في الخدمة أصبحت عادة طبيعية فيهم، كميزة طبيعية لوجودهم، والتي لا يمكن التخلي عنها في أي لحظة، على الرغم من ضرورة مراعاة عمر وظروف كل فرد، لأن الجميع قادرون على تقديم مساهمتهم والاستمرار في الخدمة.
بعدها توقف البابا عند معنى اسم كريستوفوروس الذي يعني "من يحمل المسيح" وقال للحاضرين إنه عندما يلتزمون بتفان في وظائفهم اليومية، وعندما يذهبون لمساعدة السكان الذين جربتهم الكوارث الطبيعية أو النزاعات المسلحة، فإنهم يحملون للآخرين، بمعنى ما ودون أن يدركوا ذلك ربما، أسلوب المسيح الذي جاء ليَخدم لا ليُخدم، إنه الرب الذي جاء على هذه الأرض ليشفي ويخدم الجميع.
في الختام، قال البابا إنه يطلب من القديس كريستوفوروس أن يساعد الحاضرين على الاحتفاظ بنواياهم الحسنة، سائلا العذراء مريم أن تحميهم وترافقهم وتجعل منهم صانعي سلام، ثم منح الجميع بركاته الرسولية، طالباً منهم أن يصلوا من أجله.