بحث

رئيس الأكاديمية البابوية للحياة:  لا بد أن نتخلى عن مفهوم الـ"أنا" لصالح مفهوم الـ"نحن" المرتبط بالعائلة البشرية رئيس الأكاديمية البابوية للحياة: لا بد أن نتخلى عن مفهوم الـ"أنا" لصالح مفهوم الـ"نحن" المرتبط بالعائلة البشرية 

رئيس الأكاديمية البابوية للحياة: لا بد أن نتخلى عن مفهوم الـ"أنا" لصالح مفهوم الـ"نحن" المرتبط بالعائلة البشرية

عُقد يوم أمس الثلاثاء مؤتمر صحفي في دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي تم خلاله تقديم الجمعية العامة للأكاديمية البابوية للحياة حول موضوع "الصحة العامة من المنظار العالمي. الجائحة، الأخلاقيات الحيوية والمستقبل". من بين المشاركين في المؤتمر الصحفي رئيس الأكاديمية المطران فنشنسو باليا الذي شدد على ضرورة نمو ثقافة المسؤولية.

قال سيادته في مداخلته إن الأولوية اليوم بالنسبة للغرب تتمثل في الحصول على اللقاحات، لكن من الأهمية بمكان ألا نغض الطرف عن ضرورة بناء منظومة صحية عادلة ومنصفة على المستوى العالمي. كما ينبغي أن تكون الخدمات الصحية الأساسية متوفرة مجاناً لجميع الأشخاص، وهذا الأمر يساهم في القضاء على انعدام المساواة وتحقيق العدالة. وهذا المفهوم شدد عليه البابا فرنسيس يوم الاثنين الفائت خلال لقائه مع المشاركين في أعمال الجمعية العامة التي تشهد مشاركة – حضورية وافتراضية – لعدد كبير من الأكاديميين، من بينهم خبراء دوليون. ويؤكد المطران باليا أن الهدف من هذا اللقاء يتمثل في تسليط الضوء على النقاش القائم بشأن موضوع الصحة العامة.

لم تخلُ مداخلة رئيس الأكاديمية البابوية للحياة من التطرق إلى جائحة كوفيد ١٩ التي يشهدها عالم اليوم، معتبرا أنها تحفّز الأشخاص على الإفادة من الدروس التي تعلمناها والبحث عن الطريق الواجب سلوكها. وقال إن أعمال الجمعية العامة جرت في ضوء التوجيهات التي أعطاها البابا فرنسيس، لاسيما في رسالته العامة Fratelli Tutti، عندما أكد أننا كلنا أعضاء في عائلة بشرية واحدة، ولا أحد يستطيع أن ينجو لوحده.

ولفت سيادته إلى أن الجائحة سلطت الضوء جلياً على الترابط القائم بين الأمم والشعوب، ومن هذا المنطلق لا بد أن نبحث عن المشاكل التي تؤدي إلى الحفاظ على مناطق ينعم فيها الأشخاص بالرخاء على حساب العديد من البشر. وأضاف المطران باليا أنه لا بد أن نتخلى عن مفهوم الـ"أنا" لصالح مفهوم الـ"نحن" المرتبط بالعائلة البشرية، مسلطا الضوء على التفاوت القائم في معدلات الأعمار بين الدول الغنية وتلك الفقيرة، وهذا الأمر تطرق إليه البابا فرنسيس في كلمته إلى المشاركين في الأعمال يوم الاثنين، مذكرا بأن الحياة والصحة هما حقان أساسيان للجميع، مرتبطان ارتباطا وثيقاً بكرامة الإنسان غير القابلة للتصرف.

بعدها شدد المطران باليا على التزام الأكاديمية البابوية للحياة في التعاون مع كل الدوائر التابعة للكرسي الرسولي، لاسيما في إطار عمل اللجنة الفاتيكانية كوفيد ١٩، وقال إنه بإمكاننا أن نتخطى هذه الأزمة إذا ما تكاتفت الجهود بين جميع الأخوة والأخوات. وأشار إلى أن الأكاديمية حاولت أن تفهم التبدلات التي أحدثتها الجائحة في المجتمع العالمي، وقد أصدرت سلسلة من الوثائق بهذا الشأن، بدءا من الوثيقة التي أصدرتها في الثلاثين من آذار مارس ٢٠٢٠ بعنوان "الجائحة والأخوّة الكونية".

في سياق إجابته على أسئلة الصحفيين تناول سيادته مسألة اللقاحات ومدى ارتباطها بمسؤولية الفرد تجاه نفسه أولاً، ثم تجاه من لا يستطيع تلقي اللقاح، وأضاف أن الفاتيكان لم يتحدث قط على إلزامية اللقاح، لكنه ذكّر بضرورة أن تنمو ثقافة المسؤولية. كما تطرق رئيس الأكاديمية البابوية للحياة إلى موضوع الإجهاض وقال إن قتل الحياة البشرية – في أي مرحلة كانت – هو مشكلة خطيرة، والأكاديمية الحبرية تسعى جاهدة إلى خوض هذه المعركة على الصعد كافة. وأضاف: ما يهمنا هو الحياة البشرية التي ينبغي الدفاع عنها دوما.

في ختام مداخلته أثناء المؤتمر الصحفي ذكّر المطران باليا بأن البابا فرنسيس تحدث في أكثر من مناسبة عن ثقافة الإقصاء، ولفت إلى مسألة الموت الرحيم، التي هي ضربٌ من الإقصاء الممارس بحق من صاروا عبئا على المجتمع، هذا فضلا عن إقصاء الأفراد غير المنتجين، كالمعوقين والأطفال. وتندرج في خانة الإقصاء أيضا اللامبالاةُ حيال الأمراض وأوضاع الحاجة والعوز في البلدان الأكثر فقرا. وقال: إن البابا يحذّر من إقصاء كل ما يُعتبر غير مهم، وهذا جرحٌ بالغ أصاب ثقافتنا المعاصرة.

29 سبتمبر 2021, 10:59