مقابلة مع الكاردينال سيلفانو تومازي المراقب السابق للكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة في جنيف
استهل نيافته حديثه لافتا إلى اللامبالاة حيال قضية نزع السلاح، معتبرا أن النتائج التي تترتب على استمرار التسلح هي وخيمة، لذا لا بد من أن نتحمل المسؤوليات على هذا الصعيد. هذا ما شاء أن يؤكد عليه الكاردينال تومازي، متطرقا إلى السيناريوهات الراهنة اليوم على ساحة الأحداث الدولية، ومسلطاً الضوء على أهمية قيام حوار معقول والعمل على وضع بوصلة خلقية جديدة. وأشار في هذا السياق إلى أن البابا فرنسيس يلعب اليوم دورَ ضمير البشرية، ويقوم بذلك بشكل جلي وقوي، ويمثل في الوقت الراهن صوت العقل. هذا ثم لفت المسؤول الفاتيكاني إلى ضرورة فرض حظر على الأسلحة التي لا يمكن التنبؤ بنتائجها، خصوصا وأن حيازتها تولد أجواءً من الخوف والتوتر، لذا من الأهمية بمكان أن يُربى الرأي العام، وأن تُبنى ثقافة جماعية تعي جيدا النتائج الوخيمة للحروب، مشيرا إلى أن العنف يولد الكوارث في كل مكان، ولا بد أن تتم توعية المواطنين على هذه الأمور. بعدها ذكّر نيافته بأن الحرب العالمية حصدت الكثير من الضحايا، وهذا واقع ينبغي أن يحثنا اليوم على التفكير بالعنف واللجوء إلى الأسلحة، مضيفا أن تبرير استخدام السلاح على أنه دفاع عن النفس ينبغي أن يطرح علامات استفهام أيضا. ولا بد أن يتم التفكير بالنتائج حتى عندما يتعلق الأمر بالدفاع المشروع عن الذات. لذا من الأهمية بمكان أن يتم الإصغاء إلى نداءات البابا فرنسيس والانتقال من ذهنية الإرهاب إلى ذهنية الثقة. ولفت الكاردينال تومازي في هذا الإطار إلى أن الحبر الأعظم يسعى اليوم لأن يكون ضمير البشرية، وهو يقدم خدمة كبيرة للعالم كله خصوصا عندما يحذّر من مغبة اللجوء إلى السلاح ويدعو دوما للجلوس إلى طاولة الحوار واعتماد درب الدبلوماسية وتغليب لغة العقل. تابع نيافته حديثه لموقعنا الإلكتروني مشدداً على أهمية ألا تنسى البشرية حروب القرن العشرين، وألا تعتبر أن تلك الضحايا كانت جزءاً من الماضي وحسب، خصوصا وأننا نرى اليوم حروباً مشابهة لتلك الصراعات الغابرة، ولا يوجد وعي حيال ما سيترتب عليها من نتائج. وأوضح الكاردينال تومازي أن مجموع الإنفاق على التسلح خلال العام ٢٠٢٣ ارتفع بنسبة تسعة بالمائة، وثمة دراسات تتحدث عن وجود رباط وثيق بين الاستثمار في الأسلحة والحروب، مع العلم أن هذا الواقع رُسخ بنوع خاص مع اندلاع الحرب في أوكرانيا وفي الشرق الأوسط. وقال نيافته إنه إزاء هذه النفقات الهائلة، نرى أن هناك احتياجات كبيرة، لاسيما في البلدان التي تحتاج إلى التربية التي تقدم للشعوب إمكانية التطور واستخدام المهارات بطريقة بناءة. في ختام حديثه لموقعنا الإلكتروني تطرق المسؤول الفاتيكاني إلى الصراع الدائر في الأرض المقدسة وقال: ربما ينبغي أن نعتبر أن كلا من المسلمين والإسرائيليين هم شعوب تؤمن بالله، وتعرف أن العهد بين الله والشعب يتطلب الالتزام بهذا العهد والعلاقات الطيبة والسلمية. لذلك، بدءا من التجربة الدينية لهذه الشعوب التي تعيش في المكان نفسه يمكننا أن نبدأ في التفكير بهذا الواقع وبقبول ميثاق جديد. ومن خلال تذكر واتباع التقليد القديم لذلك العهد بين الله والشعب، قد يتم التوصل إلى فتح قناة للتواصل والحوار وتغذية الشعور بالثقة. |