بحث

الكاردينال هارفي يفتح الباب المقدس في بازيليك القديس بولس خارج أسوار روما

"إن فتح الباب المقدس يمثل العبور الخلاصي الذي فتحه المسيح بتجسده وموته وقيامته، داعيًا جميع أعضاء الكنيسة لكي يتصالحوا مع الله ومع القريب. وبعبورنا عتبة هذه البازيليك بإيمان، ندخل في زمن الرحمة والمغفرة، لكي يفتح، كما قال شفيعنا القديس بولس بحق، طريق الرجاء الذي لا يخيب أمام كل امرأة ورجل" هذا ما قاله الكاردينال هارفي في عظته مترئسًا القداس الإلهي في بازيليك القديس بولس خارج أسوار روما، مفتتحاً الباب المقدس لمناسبة بداية سنة اليوبيل

ترأس الكاردينال الكاردينال جيمس مايكل هارفي، رئيس كهنة بازيليك القديس بولس خارج الأسوار القداس الإلهي صباح الأحد الخامس من كانون الثاني يناير ٢٠٢٥ في بازيليك القديس بولس خارج أسوار روما، مفتتحاً الباب المقدس لمناسبة بداية سنة اليوبيل. وألقى نيافته عظة قال فيها "فرحت حين قيل لي: "لنذهب إلى بيت الرب ". توقفت أقدامنا في أبوابك يا أورشليم!"، بهذه الكلمات من المزمور، تخطو الكنيسة خطوة جديدة وحاسمة في تاريخها الذي يمتد لآلاف السنين. إنها كلمات ينشدها المرنم للمدينة المقدسة، أورشليم، لكن الليتورجيا اليوم ترتلها للكنيسة الجامعة ولكل واحد من أعضائها. هذا الصباح، مع فتح الباب المقدس في البازيليك البابوية للقديس بولس خارج الأسوار، في فعل بسيط ولكنه مليء بالمعاني، اجتزنا عتبة الهيكل المقدس بفرح عظيم، لأننا عبرنا، بطريقة رمزية، باب الرجاء.

تابع الكاردينال هارفي يقول الفرح والرجاء: هذا هو الثنائي الذي يرسم معالم الطقس الليتورجي الحالي. الفرح لأن المخلّص قد وُلد، والرجاء لأن المسيح هو رجاؤنا! إنه الفرح الذي يميز زمن الميلاد، حين يتأمل العالم المسيحي في التدبير الإلهي العجيب، ويرفع الشكر بكلمات القديس بولس إلى أهل أفسس: " تبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح. فقد باركنا كل بركة روحية في السماوات في المسيح"، لأنه قد اختارنا فيه لنكون أبناءه بالتبني. هذا هو هدف التجسد: إنَّ ابن الله الوحيد تجسد، ليس فقط لكي يكون بيننا، وإنما لكي يكون واحدًا منا؛ ليس فقط لكي نُعجب به أو نقبله كرفيق، وإنما لكي يمنحنا حياته البنوية، ويدخلنا في علاقة حميمة مع الله. في يسوع، نحن ننال التبني كأبناء، وبذلك يهبنا كرامة فريدة، ويقودنا إلى ملء حياة لا مثيل لها. وهكذا يعلن القديس يوحنا في الإنجيل: "من ملئه نلنا بأجمعنا وقد نلنا نعمة على نعمة". الفرح هو أيضًا الشعور المناسب لعطية الفداء في يسوع المسيح. فالله الآب، الممتلئ رحمة، أرسل ابنه لكي يخلصنا. وابن الله قد اتضع بقبوله طوعًا الموت على الصليب لكي يمحو خطايا العالم، وبواسطة عمل الخلاص هذا، هو يدخلنا في أفق "الرجاء الطوباوي"، في وعد الحياة الأبدية.

أضاف الكاردينال هارفي يقول إن فتح الباب المقدس يمثل العبور الخلاصي الذي فتحه المسيح بتجسده وموته وقيامته، داعيًا جميع أعضاء الكنيسة لكي يتصالحوا مع الله ومع القريب. وبعبورنا عتبة هذه البازيليك بإيمان، ندخل في زمن الرحمة والمغفرة، لكي يفتح، كما قال شفيعنا القديس بولس بحق، طريق الرجاء الذي لا يخيب أمام كل امرأة ورجل. نحن بحاجة إلى الرجاء الآن أكثر من أي وقت مضى! ففي هذه المرحلة التي تلت الجائحة، والتي لا تزال للأسف مثقلة بالمآسي والحروب والأزمات، يبقى الرجاء، رغم ارتباطه بالمستقبل، واقعًا نعيشه في الحاضر أيضًا. لقد شدد البابا بندكتس السادس عشر، في رسالته العامة "Spe Salvi"، على كيف أن الرجاء المسيحي يقدم منظورًا فريدًا للعلاقة بين الحاضر والمستقبل. فمع الفداء الذي تم في يسوع المسيح، كتب البابا، نلنا "رجاءً موثوقًا، يمكننا من خلاله أن نواجه حاضرنا: فالحاضر، حتى وإن كان مؤلمًا، يمكن عيشه وقبوله إذا كان يقود إلى غاية مؤكدة، وإذا كانت هذه الغاية عظيمة لدرجة تبرر مشقات الطريق" (...). "فقط عندما يكون المستقبل مضمونًا كواقع إيجابي، يصبح الحاضر أيضًا قابلاً للعيش ". إن البشرى السارة، الرسالة المسيحية، هي إعلان عن هذه الحقيقة التي تحققت: يسوع المسيح، المائت والقائم والممجد، هو رجاؤنا. " لقد فُتح الباب المظلم للزمن، باب المستقبل، على مصراعيه. والذي يملك الرجاء يحيا بطريقة مختلفة؛ فقد أُعطيَت له حياة جديدة".

تابع الكاردينال هارفي يقول كذلك، طور البابا فرنسيس هذا الموضوع بعبارات أكثر مباشرة في تعليمه الأخير خلال المقابلة العامة يوم الأربعاء. قال البابا: "الرجاء ليس مجرد كلمة فارغة، ولا رغبة مبهمة في أن تسير الأمور على ما يرام؛ الرجاء هو يقين، لأنه قائم على أمانة الله لوعوده. لهذا السبب يُسمّى فضيلة لاهوتية: لأن الله قد أوحى به والله هو ضامنه. إنه ليس فضيلة سلبية تكتفي بانتظار حدوث الأشياء، بل هو فضيلة نشطة جدًّا تساعد في حدوثها". كيف؟ الرجاء هو فضيلة فائقة للطبيعة: والروح القدس هو الينبوع الدائم التدفق للرجاء المسيحي. وقد ترك لنا القديس بولس كلمات التشجيع الثمينة هذه: "ليغمركم إله الرجاء بالفرح والسلام في الإيمان لتفيض نفوسكم رجاء بقوة الروح القدس!". ويذكرنا البابا قائلاً: "إذا كانت الكنيسة سفينة، فالروح القدس هو الشراع الذي يدفعها ويجعلها تتقدم في بحر التاريخ، اليوم كما في الأمس".

أضاف الكاردينال هارفي يقول إن يوبيل عام ٢٠٢٥، كما هو الحال في كل سنة مقدسة، يدعونا لكي نصبح حجّاجًا. إنه الشعور بالانتماء إلى جماعة تسير على دروب هذا العالم منذ ألفي عام، وهي تعلن قيامة الرب يسوع. تستعد المدينة الخالدة مرة أخرى لاستقبال الحجّاج من جميع أنحاء العالم، ونحن أيضًا، هنا في روما، جزء من هذه الجماعة المؤمنة. نحن نكرر التصرفات والخطوات التي تميز خبرة اليوبيل عبر التاريخ، ونعيش هذا الاحتفال كهبة خاصة من النعمة، والتوبة، والارتداد، وغفران الخطايا. ومن خلال هذه الخبرة، تدعو الكنيسة كل حاج إلى القيام برحلة روحية على خطى الإيمان، متمنية أن تنعش في القلب شعلة الرجاء. إنَّ الرجاء المسيحي يعضدنا حقًّا في مسيرة حجّنا. "إنه الفضيلة التي تجعلنا نفهم بشكل أعمق حالتنا كمسافرين. أن تكون حاجًا يعني أن يكون لك وجهة تصل إليها (...) إنَّ الرجاء يحوّل درب الحياة إلى حجّ حقيقي، لأنه يعضد التعب (...) وينشر فرحًا وسكينة ينبعان من القدرة على النظر إلى الحاضر كمقدمة حقيقية للمستقبل".

وختم الكاردينال هارفي عظته بالقول أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، في قمة الجزء العلوي من الواجهة الضخمة لهذه البازيليك، التي تحتضن الذخائر المكرمة للرسول والشهيد القديس بولس، يرتفع صليب عظيم وثمين. وتحت الصليب كُتبت كلمتان باللاتينية " Spes unica"، وتعني أن صليب المسيح، الرمز المجيد للانتصار على الخطيئة والموت، هو رجاؤنا الوحيد. بروح الحجّاج الحقيقيين، إذ نسير حاملين الصليب في أيدينا، لنقبل بفرح دعوة البابا فرنسيس إلى الكنيسة كلها لهذا اليوبيل الذي بدأ للتو. إنها دعوة مُلحّة ومحفزة في الوقت عينه، ليس فقط لكي نحمل الرجاء، وإنما لكي ننشره، ونكون زارعي رجاء. إنه بالتأكيد أجمل هديّة يمكن للكنيسة أن تقدمها للبشرية جمعاء، لا سيما في هذه المرحلة من التاريخ. ليرافق الروح القدس، بحضوره الدائم في مسيرة الكنيسة، خطواتنا في حج الإيمان هذا، ثابتين في الرجاء الذي لا يخيب.

05 يناير 2025, 11:51