فيروس الكورونا والضعفاء، نقاش انطلاقًا من الرسالة العامة "Fratelli tutti"
ماذا تعلِّم الرسالة العامة "Fratelli tutti" عن التضامن والعلاقة مع الأشدّ ضعفًا في المجتمع ولاسيما في زمن الجائحة هذا؟ هذا ما سيجيب عليه اللقاء الافتراضي الذي تنظّمه منظّمة " Emergenza Sorrisi Onlus" وهي منظمة ملتزمة منذ فترة طويلة بتقديم نوعية حياة أفضل للأطفال الذين يعانون من تشوهات الوجه والحروق وصدمات الحرب والأمراض المكتسبة في مختلف أنحاء العالم. وللتأمّل حول الأفكار التي أشار إليها البابا فرنسيس في رسالته العامة سيقدّم مساهمته السيّد باولو روفيني، عميد دائرة الاتصالات، الأب جوليو تشيزاريو، مدير التحرير في دار النشر التابعة للكرسي الرسولي، وريكاردو بوناتشينا مؤسس "£Vita Non Profit"، المجلّة الأسبوعية المخصصة بالكامل للعمل التطوعي، في حوار مع مؤسس ورئيس منظّمة "Emergenza Sorrisi"، فابيو أبينافولي؛ سيحمل اللقاء عنوان "الأخوة نحو الأشدَّ ضعفًا في زمن الوباء: الدرس الذي تعلمنا إياه الرسالة العامة "Fratelli tutti". وللمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع الأب جوليو تشيزاريو، مدير التحرير في دار النشر التابعة للكرسي الرسولي حدّثنا فيها عن هدف هذا اللقاء وأهميّته.
قال الأب جوليو تشيزاريو إن الهدف يكمن في حقيقة أن التضامن هو أحد عناصر الأخوّة: والبابا في الرسالة العامة "Fratelli tutti" يحلم ويقول لنا ويدعونا أولاً لكي نؤمن بأننا جميعًا إخوة، وبالتالي فإن كنا نؤمن بذلك، لكي نتصرف كأخوة، متخطّين جميع الاختلافات الدينية والسياسي والثقافيّة. إنَّ منظّمة "Emergenza Sorrisi Onlus" في الواقع، هي واحدة من هذه الحقائق التي تبني الأخوة من خلال التضامن، ومن خلال تقديم الخدمة لمن هم في أمس الحاجة إليها، في هذه الحالة الأطفال الذين امتحنتهم الحياة بشدّة لدرجة أنهم بدون أية مساعدة خارجية يخاطرون بعيش نوعية حياة محدودة للغاية، وبالتالي يبدو لي أن هذا هو الرابط، الأخوة التي تتغذى بالتضامن ومنظّمة "Emergenza Sorrisi Onlus" تمثل خبرة جميلة بهذا المعنى على المستوى الدولي.
تابع مدير التحرير في دار النشر التابعة للكرسي الرسولي مجيبًا على سؤال حول جوانب الرسالة العامة التي سيتطرق إليها اللقاء بشكل خاص وقال في الواقع، يمكننا أن ننظر إلى هذا على أنه نوع من المشاركة. هناك ببساطة نقاط عامة جدًا لتنظيم حوارنا، بدون التركيز على شيء ما بشكل خاص، لأننا نريد أن يظهر من وعي وخبرة واحتراف كل متحدث فهمه الخاص لهذه الرسالة العامة وما ولّدته في داخل كلِّ فرد منهم. لكن من المؤكد أن أحد المواضيع الرئيسية هو موضوع التضامن، أي أنه لا يمكننا بناء الأخوة دون الالتزام الفردي والشخصي، وإلا فسيبقى التضامن مجرّد مفهوم وحسب. وهذا الأمر ضروري ولاسيما في عالمنا، حيث ربما لا توجد معاناة كثيرة مرتبطة بما تقوم به منظّمة "Emergenza Sorrisi Onlus" في إيطاليا، أي أنه لا يوجد أطفال ضحايا للحرب، لكننا نعيش في عالم ليس أخويًا للغاية، مع الكثير من العداوة والوحشيّة. لذلك فهذه وسيلة لمساعدتنا في التغلب على هذا الصراع الاجتماعي الذي نجده بشكل متزايد في العالم الغربي.
أضاف الأب جوليو تشيزاريو متحدثًا عن الأخوّة التي تصبح ملموسة في الأعمال وبشكل خاص كما يطلب البابا فرنسيس في سياسة أفضل وفي اقتصاد لا يهمّش أحدًا وقال هكذا هو الأمر بالتحديد. كذلك يُعقد خلال هذه الأيام لقاء " Economy of Francesco" في أسيزي وهذا واقع آخر جميل لكي نحلم بمستقبل لا يكون فيه الإنجيل مجرد مثال أو كلمات مجردة، وبالتالي فهو محاولة لكي نعيد التفكير في الواقع بدءًا من الإنجيل والتضامن والأخوّة. نقطة مهمّة أخرى في الرسالة العامة "Fratelli tutti" هو إصرار البابا فرنسيس على مشكلة ثقافة الإقصاء هذه. إنه ليس موضوعًا جديدًا بالنسبة للأب الأقدس، ومع ذلك فإن ثقافة الإقصاء هذه التي قد سلّط الضوء عليها عدة مرات في النص هي واحدة من المشاكل الرئيسية لوضعنا الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي والديني. لأنه من خلال استبعاد الذين، لسبب أو لآخر، لا يعتبرون على مستوى معاييرنا، فإننا نبني عالماً غير أخوي، وغير تضامني ويستبعد الآخرين ويهمّشهم.
وختم الأب جوليو تشيزاريو، مدير التحرير في دار النشر التابعة للكرسي الرسولي حديثه لموقع فاتيكان نيوز مجيبًا على سؤال حول الدرس الذي تعلّمنا إياه الرسالة العامة "Fratelli tutti" لاسيما في مواجهتنا لوباء فيروس الكورونا وقال إن فيروس الكورونا هو حالة طوارئ كبيرة، إنها أزمة كبيرة في عصرنا، وقد أظهرت الأزمات دائمًا في النهاية ما نحن قادرون على فعله، وما نحمله في قلوبنا على المستوى الفردي والاجتماعي والكنسي، وبالتالي فالأزمة في العمق هي مجرد لحظة الحقيقة، لحظة لتقييم الأمور وتركيز الانتباه على شيء أكثر أهمية من الأشياء الأخرى. لقد قال البابا فرنسيس عدة مرات أنه من الأزمة لا يخرج المرء بالطريقة عينها، إما أن يخرج بشكل أفضل مما كان عليه وإما بشكل أسوأ، لذلك فإما أن يصر المرء على ديناميكية غير تضامنية، وبالتالي حماية نفسه، أو مصالحه، أو بطريقة ما يخرج المرء من ذاته، ولو قليلاً، يدفعه ألم الآخر، لكي يكتشف – كما يقول البابا فرنسيس – أننا جميعًا في السفينة عينها وأنه يجب علينا أن ننقذ أنفسنا معًا من خلال التضامن. يبدو لي أن فيروس الكورونا، الذي هو مشكلة كبيرة جدًا، يمكنه أن يصبح حقًا نعمة – علمًا أن هذا القول قد يبدو متناقضًا - كما يمكنه أن يصبح أيضًا فرصة نموٍّ للبشرية من أجل أسلوب أكثر تضامنًا وأخوة. لذلك وخلال الموجة الأولى من الوباء، أعرب البابا فرنسيس أكثر من مرة عن تقديره الشديد لالتزام وتفاني الأطباء والممرضات ورجال الشرطة وموظفي السوبر ماركت، وجميع الأشخاص الذين سمحوا لنا بالمضي قدما بأمان في تلك الفترة الصعبة. وهنا، أعتقد أن هذا هو الطريق أيضًا، ومنظّمة "Emergenza Sorrisi Onlus"، هي مثلنا جميعًا، ومثل جميع المؤسسات، فبقدر ما نبني جسور التضامن، سنحوِّل فيروس الكورونا إلى فرصة لنكون أكثر اتحادًا وهذا الأمر سيجعلنا أقوى. خلافًا لذلك، سيكون الخطر هو عينه كما هو الحال دائما، أي أن يركض كلَّ إنسان لينقذ نفسه وحسب. وقد رأينا ذلك أيضًا فيما يتعلق بـفيروس الكورونا، لأنه يتم خلق الأدوية للأثرياء لكي يشفوا من فيروس الكورونا. هناك علاجات باهظة الثمن، مئات الآلاف من الدولارات، لكنها عجيبة، أي في غضون ساعات قليلة، وفي غضون أيام قليلة تُحلُّ المشكلة. وهذا الأمر يخلق المزيد من الانقسامات، لأن الأغنياء يحلون المشكلة ومن ثم يصبحون محصنين، أما الفقراء فربما لا يجدون لهم مكانًا حتى في العناية المركزة.