مقابلة مع المستشار محمد عبد السلام الأمين العام للّجنة العليا للأخوّة الإنسانية
يُحتفل الخميس 4 شباط فبراير باليوم العالمي الأول للأخوّة الإنسانية الذي أعلنته الأمم المتحدة. وحول هذا الاحتفال وأهمية وثيقة الأخوّة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك التي وقعها قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر في شباط فبراير 2019 في أبو ظبي أجرى موقع فاتيكان نيوز مقابلة مع السيد محمد عبد السلام المستشار السابق لشيخ الأزهر والأمين العام للّجنة العليا للأخوّة الإنسانية. وفي بداية حديثه أكد أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الخاص بإعلان ذكرى توقيع وثيقة الأخوّة يوما عالميا للأخوّة الإنسانية يشهد على أن البشرية قد أدركت أهمية الأخوّة الإنسانية من أجل بناء علاقات ومستقبل الأجيال. كما وأشار إلى أن هذا القرار يأتي في لحظة حساسة تواجه فيها البشرية أزمة غير مسبوقة بسبب وباء فيروس كورونا، إلى جانب تصاعد العنف والكراهية، وهي تحديات يمكن مواجهتها فقط بالتضامن والأخوّة بين جميع أعضاء العائلة البشرية. وواصل السيد عبد السلام أن أهمية قرار الأمم المتحدة هذا تكمن في جعل الأخوّة الإنسانية مسؤولية تضامن عالمية حتى يشترك العالم بأسره في تحقيق تلك الأهداف النبيلة ويجدد سنويا الأفكار والرؤى لتحقيقها والحث على التسامح والتعايش.
ثم انتقل الحديث إلى خبرة السيد محمد عبد السلام كأمين عام للّجنة العليا للأخوّة الإنسانية التي تأسست لتحقيق أهداف وأفكار الوثيقة التي وقعها الأب الأقدس والإمام الأكبر، فأشار إلى ما شهد من مقاربات إنسانية من قِبل قادة دينيين ودول ومؤسسات. وقال إننا وبعد أن قدَّم قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب نموذجا تاريخيا بتوقيعهما وثيقة الأخوّة الإنسانية قد رأينا قادة دينيين من ديانات مختلفة يتحاورون حول هذه الوثيقة، وقد لمسنا عبر نشاط اللجنة العليا خلال الفترة الأخيرة رغبة كبيرة في التعاون لدى القادة الدينيين والمؤسسات الدولية. وتابع أن اللجنة قد عقدت شراكات لتنفيذ مبادرات واعدة مع تلك المؤسسات، كما وتحدث عن تطبيقات جيدة للوثيقة من قِبل بعض الدول مثل الإمارات العربية المتحدة والتي أسست مدينة الإمارات الإنسانية في أبو ظبي لاستقبال مواطني دول مختلفة من المتضرررين من بؤرات العدوى الأولى بفيروس كورونا وذلك بدون أي تمييز، وما ترسل من مساعدات للمحتاجين بغض النظر عن الانتماء السياسي. وذكَّر الأمين العام بعد ذلك بدعوة اللجنة العليا العالم إلى الصلاة من أجل البشرية، مشيرا إلى استجابة الملايين من جميع أنحاء العالم لهذه لدعوة كما لو كانوا ينتظرون مَن يأخذ بيدهم ليقودهم نحو أفق الأخوّة والتضامن حسب ما ذكر السيد محمد عبد السلام.
وفي إجابته على سؤال حول مشاركته في الفاتيكان في تقديم الرسالة العامة الأخيرة للبابا فرنسيس "Fratelli tutti" أعرب السيد عبد السلام عن تشرفه بدعوة قداسة البابا فرنسيس له للمشاركة في تقديم هذه الرسالة الإنسانية الهامة التي تتكامل مع شقيقتها وثيقة الأخوّة الإنسانية حسب ما ذكر. وأضاف أنه حرص على قراءة الرسالة العامة بانتباه كبير وقال إنه لمس على الفور عمق البحث والتحليل والتطرق إلى القضايا والمواضيع المرتبطة بالسلام والأخوّة الإنسانية. وأشار على سبيل المثال إلى حديث الأب الأقدس عن المهاجرين واللاجئين والذي يعكس القلب الكبير للبابا فرنسيس البعيد عن أية أحكام مسبقة دينية أو عرقية، بل يتكلم فقط كشخص يشعر بمعاناة القريب. وتابع السيد محمد عبد السلام أن هذه الصفات الإنسانية التي تميز الحبر الأعظم والإمام الأكبر شيخ الأزهر هي تجسيد لقيم السلام والمحبة في الإسلام والمسيحية، وهي أيضا الصفات التي يجب أن تحدد العلاقات بين مؤمني الديانتين، والمؤمنين جميعا أيا كان دينهم. وأكد الأمين العام للَجنة العليا للأخوّة الإنسانية في ختام المقابلة التي أجراها معه موقع فاتيكان نيوز عشية الاحتفال في 4 شباط فبراير باليوم العالمي الأول للأخوّة الإنسانية أنه ورغم الشكوك التي يبديها البعض حول إمكانية بناء الأخوّة، ونظرتهم إلى مثل هذه الجهود وكأنها بعيدة عن الواقع، فإن النموذج الحي والمتجسد الذي يقدمه الإمام الطيب والبابا فرنسيس للأخوّة الإنسانية والشركة بين أكبر قائدين دينيين، رغم التباين في اللغة والعرق والثقافة إلى جانب الدين لكنهما يتفقان في المحبة والتعايش والعمل معا من أجل الخير العام، هو الرد العملي على جميع مَن يعتبرون تطبيق وثيقة الأخوّة أمرا مستحيلا.