مقابلة مع رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق رومانو برودي بشأن التطورات في الشرق الأوسط
المقابلة التي أجراها موقعنا مع برودي أتت في أعقاب تصريحات للممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل الذي وصف الهجمات ضد بعثة اليونيفيل في جنوب لبنان بأنها غير مقبولة، وذلك خلال مشاركته في مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد في اللوكسمبورغ، مشددا على الدعم الذي تقدمه دول الاتحاد السبع والعشرون للبعثة الأممية للسلام في لبنان. وتزامنت تصريحاته هذه مع استمرار دعوات الجيش الإسرائيلي لسكان القرى الجنوبية إلى إخلائها، ومع مواصلة القصف الإسرائيلي على غزة، والذي شمل أيضا مركزاً لتوزيع المساعدات الغذائية تابعاُ لهيئة الأونروا في شمال القطاع. استهل السيد برودي حديثه لموقعنا لافتا إلى أن نداءات البابا فرنسيس المتكررة من أجل السلام، وكان آخرها يوم الأحد الماضي في أعقاب تلاوة التبشير الملائكي، تولّد لديه الأمل، مشيرا إلى أن الوضع في المنطقة صعب جداً وأن إطلاق النار على الوحدات الأممية أمر لم نعتد عليه من قبل. وأضاف قائلا: إما نتماهى مع الأمم المتحدة وإلا فقدنا ما تبقى من النظام العالمي الذي ما يزال قائماً. وذكّر برودي بأنه شارك هو شخصياً في مهام هذه البعثة، بالتعاون مع الحكومة الإيطالية، وأمين عام الأمم المتحدة، وسُمي الاتفاق الذي تم التوصل إليه آنذاك مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية بالاتفاق الحديدي، لكونه حظي بموافقة الحكومتين الإسرائيلية واللبنانية. مضى رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق إلى القول إنه كان يأمل، بعد سقوط جدار برلين، أن يعيش العالم مرحلة من الوحدة والتعاون، بيد أن التوترات بدأت تنمو وبات العالم اليوم مقسّماً إلى كتلتين: الكتلة الغربية من جهة وما تبقى من دول العالم من جهة ثانية. واعتبر أن هذا الوضع لا يعود بالفائدة على الغرب، كما أن باقي بلدان العالم تعيش مأساة حقيقية، مضيفا أنه يتعين علينا اليوم أن ننتظر نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ورأى أن نتنياهو يسعى إلى الإفادة من الارتباك الأمريكي، وبالتالي يبدو أن الظروف ليست ملائمة من أجل الحديث عن السلام. رداً على سؤال بشأن الإستراتيجية التي يتّبعها رئيس الوزراء الإسرائيلي، قال رومانو برودي إن نتنياهو يسعى إلى احتلال الأرض كلها، وإلى طرد الفلسطينيين، فيما تجد الجماعة الدولية نفسها أمام الأمر الواقع، لافتا إلى وجود حوالي نصف مليون مستوطن إسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، ما يدل على أن هذه الإستراتيجية تحققت. ولفت إلى التفوق العسكري الإسرائيلي إزاء عجز حماس وإيران وحزب الله عن تغيير مسار الأمور. بعدها توفق برودي عند العبارة التي أطلقها البابا فرنسيس ألا وهي "حرب عالمية ثالثة مجزّأة"، مضيفا أن هذا هو الواقع وللأسف. وقال: إن اهتمامنا منصب على الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، بيد أن منطقة الشرق الأوسط بأسرها تعاني من الاضطرابات، مشيرا على سبيل المثال إلى ما يجري في السودان وفي البحر الأحمر. واعتبر أن ثمة حاجة إلى مؤتمر دولي لكنه في الوقت نفسه رأى أنه من السذاجة أن نعتبر أن هذا الأمر سيحصل في القريب العاجل. وتابع قائلا: آمل، بعد الانتخابات الأمريكية، أن يُقام حوار بين الصين والولايات المتحدة، يساهم بشكل ما في تهدئة الأوضاع. هذا ثم قال برودي إن الهجمات التي تعرضت لها قوات حفظ السلام في لبنان إن دلت على شيء فهي تدل على غياب الدبلوماسية، مضيفا أننا نعيش اليوم زمن القوة، مع العلم أن عملية إضعاف الأمم المتحدة ليست وليدة الحاضر، بل هي عملية بدأت في الماضي ونمت بشكل تدريجي. ورأى أن القوى العظمى حلّت محل المنظمة الأممية، وأن مجلس الأمن ساهم في تهميش دور الجمعية العمومية. في الختام لفت رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق إلى أن الدبلوماسية تعاني من أزمة وأن السياسة اليوم تنظر على المدى القريب، إنها لا تنظر أبعد من الانتخابات، متحدثا عن غياب أي دفع من طرف الاتحاد الأوروبي من أجل التفكر بمستقبل المتوسط وبناء فضاءات مشتركة يعيش فيها الشبان وينمون معاً. |