البابا فرنسيس: الإجهاض جريمة قتل، وعلى الكنيسة أن تكون قريبة وشفوقة لا سياسية
"الإجهاض هو جريمة قتل" والكنيسة لا تغير موقفها، ولكن "في كل مرة لم يتعامل فيها الأساقفة مع مشكلة ما كرعاة، انحازوا إلى الجانب السياسي" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في حديثه مع الصحفيين على متن الطائرة التي أعادته إلى روما من براتيسلافا، في نهاية زيارته الرسوليّة إلى بودابست وسلوفاكيا.
في جواب على سؤال حول قراره بالمشاركة في المؤتمر الإفخارستي الدولي في بودابست وكيف يرى المسيحية في أوروبا قال البابا فرنسيس لقد فكّر البعض بشكل سيء بشأن الزيارة إلى بودابست، لقد تم التخطيط لها على هذا النحو، لكنني وعدت رئيسكم أن أرى إن كان من الممكن أن آتي في العام المقبل أو في العام الذي بعده. هناك العديد من القيم المجرية، لقد أثَّر فيَّ الحسّ المسكوني بعمق كبير. بشكل عام، يجب على أوروبا - كما أقول دائمًا - أن تستعيد أحلام الآباء المؤسسين. إنَّ الاتحاد الأوروبي ليس اجتماعًا للقيام بأشياء، وإنما هناك روح في أساس الاتحاد الأوروبي حلم به شومان وأديناور ودي غاسبري ... وبالتالي يجب العودة إلى هؤلاء العظماء. هناك خطر أن يصبح الاتحاد الأوروبي مجرّد مكتب إداري، ولكنَّ هذا الأمر ليس جيّدًا، يجب أن نعود إلى الروحانيّة ونبحث عن جذور أوروبا ونسير بها قدمًا. وعلى جميع البلدان أن تمضي قدما. صحيح أن بعض المصالح، ربما غير الأوروبية، تحاول استخدام الاتحاد الأوروبي للاستعمار الأيديولوجي، وهذا ليس بالأمر الجيد. لا! يجب أن يكون الاتحاد الأوروبي مستقلاً وجميع البلدان على المستوى عينه، يستلهمون من حلم المؤسسين العظام. هذه هي فكرتي. وأنت المجريون: ذهبت معكم إلى ترانسيلفانيا، لقد كان القداس الهنغاري جميلاً!
تابع البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول أنَّ التلقيح قد أدى إلى انقسام المسيحيين، حتى في سلوفاكيا. وبما أنّه يقول إن التلقيح هو فعل حب فماذا يسمّي عدم التلقيح لأن بعض المؤمنين قد شعروا بالتمييز. كذلك هناك أيضًا مناهج مختلفة في الأبرشيات المختلفة حول هذه النقطة (...) وبالتالي كيف يمكننا أن نتصالح بشأن هذه المسألة؟ وقال إنه أمر غريب بعض الشيء لأن البشرية لديها تاريخ من الصداقة مع اللقاحات: الحصبة وشلل الأطفال... وقد حان الوقت لهذا اللقاح الآن. ربما جاء ذلك بسبب عامل الفوعة وعدم اليقين، وليس فقط بسبب الوباء، وإنما أيضًا بسبب تنوع اللقاحات وأيضًا بسبب سُمعَة بعض اللقاحات، التي لا تصلح أو ليست إلا ماء مُقطر. وهذا الأمر قد خلق الخوف في نفوس الناس. آخرون يقولون إنه خطر لأنهم يقولون لإنه مع اللقاح ينتقل الفيروس إلى داخلك والعديد من الحجج الأخرى التي أدت إلى هذا الانقسام. حتى في مجمع الكرادلة، هناك بعض المنكرين وأحد هؤلاء، مسكين، قد دخل المستشفى مصابًا بالفيروس. إنها سخرية الحياة. لا أعرف كيف أشرح ذلك جيدًا، يقول البعض لأنّه لم يتم اختبار اللقاحات بشكل كافٍ وهم خائفون ... يجب أن نوضح هذا الأمر ونتحدث عنه بهدوء. في الفاتيكان قد تمَّ تلقيح الجميع باستثناء مجموعة صغيرة ولكن تتمُّ دراسة كيفية المساعدة.
أضاف الأب الأقدس مجيبًا على سؤال حول لقائه مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان وإن كان قد تطرّق اللقاء إلى مواضيع المهاجرين ورأيه حول القوانين حول المثليين التي أصدرها وقال لقد جاء الرئيس إلى زيارتي، وهذه هي المرة الثالثة التي ألتقي فيها به وجاء مع رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء، وكانوا ثلاثة. تحدث الرئيس، وكان الموضوع الأول الإيكولوجيا، وأهنئكم أيها المجريون، على الوعي البيئي الذي تتحلَّون به، إنّه أمر مثير للإعجاب. وقد شرح لي كيف تنقُّون الأنهار، أشياء لم أكن أعرفها. ثم سألته عن متوسط العمر، لأنني قلق بشأن الشتاء الديموغرافي: في إيطاليا يبلغ متوسط العمر ٤٧ عامًا، وأعتقد أن الوضع في إسبانيا الأسوأ إذ أن العديد من القرى خالية أو فيها العديد من المسنين. كيف نحل هذه المسألة؟ فشرح لي الرئيس القانون الذي وضعوه من أجل مساعدة الأزواج الشباب على الزواج وإنجاب الأطفال. ومن المثير للاهتمام، أنه قانون يشبه إلى حد بعيد القانون الفرنسي، لكنه أكثر تطوراً. وبالتالي هذا هو السبب في أن الفرنسيين ليس لديهم المأساة التي تعيشها إسبانيا والتي لدينا. شرحوا لي هذا الأمر وهناك أضاف رئيس الوزراء ونائب رئيس الوزراء شيئًا فنيًا حول شكل هذا القانون. فيما يتعلق بالهجرة، لا، لم يكن هناك أي ذكر لها. ثم عدنا إلى الإيكولوجيا ومن ثمَّ إلى العائلة، وحول حقيقة وجود العديد من الشباب، والعديد من الأطفال ... ولكن أيضًا في سلوفاكيا: لقد اندهشت من وجود العديد من الأطفال والأزواج الشباب وهذه علامة وعد. يبقى التحدي الآن البحث عن وظائف، وإلا فإنهم سيتركون بلدانهم للبحث عنها. كانت هذه الأشياء التي تحدّثنا عنها... وقد استمر اللقاء لحوالي ٤٠ دقيقة.
تابع الحبر الأعظم مجيبًا على سؤال حول قوله إن الإفخارستيا ليست مكافأة للكاملين وإنما دواء وغذاء للضعفاء وبالتالي ما رأيه حول الأساقفة الذين يرفضون منح المناولة للسياسيين الذين يدعمون القوانين حول الإجهاض وبماذا ينصحهم وإن كان بصفته أسقفًا بصفتك أسقفًا قد رفض منح المناولة لشخص ما، وقال لم أرفض منح المناولة لأي شخص قط، ولا أعرف ما إذا كان أحد قد تقدّم من المناولة في هذه الظروف! هذا ككاهن. لم أكن أدرك أبدًا أن أمامي شخص مثل الشخص الذي وصفته لي، هذا صحيح. المرة الوحيدة التي حصل فيها معي شيء لطيف كانت عندما ذهبت لمنح المناولة للمسنين في دار للمسنين. كنت في الصالون وسألت: من يريد أن يتقدّم من المناولة؟ رفع كل الرجال المسنين أيديهم. رفعت امرأة عجوز يدها، وأخذت القربان وقالت: "شكرًا لك، أنا يهودية". فأجبتها: "والذي أعطيتك إياه هو يهودي أيضًا!". لكن هذه السيدة قد تناولت قبل أن تخبرني... المناولة ليست مكافأة للكاملين – لنفكّر في الينِّسينية، لنفكّر في Port Royal des Champs، بمشكلة Angélique Arnaud، يمكن للكاملين أن يتقدّموا من المناولة – المناولة هي عطيّة، إنها حضور يسوع في الكنيسة والجماعة. ومن ثم، فالذين لا ينتمون لهذه الجماعة لا يمكنهم أن يتقدّموا من المناولة، مثل هذه السيدة اليهودية، لكن الرب أراد أن يكافئها دون علمي. إنهم خارج الجماعة لأنهم لم يعتمدوا أو لأنّهم ابتعدوا عنها. إنه مصطلح قاسٍ، لكن هذا يعني أنهم ليسوا في الجماعة، إما لأنهم لا ينتمون إليها أو لم يعتمدوا أو لأنهم ابتعدوا عنها بسبب بعض الأشياء.
المشكلة الثانية هي الإجهاض: إنه أكثر من مشكلة، إنه جريمة قتل، إن الذي يُجهض يقتل. خذوا أي كتاب علم أجنة لطلاب الطب، تجدون في الأسبوع الثالث من الحمل، جميع الأعضاء موجودة، كلها، حتى الحمض النووي ... إنها حياة بشرية! وبالتالي يجب احترام هذه الحياة البشرية، إنّه مبدأ واضح جدًّا! ولذلك على الذين لا يستطيعون فهم هذا الأمر، أطرح هذا السؤال: هل من الصواب قتل حياة بشرية لحل مشكلة ما؟ هل من الصواب استئجار قاتل محترف لقتل حياة بشريّة؟ علميا إنها حياة بشرية. هل من المقبول قتلها لحل مشكلة ما؟ ولهذا فإن الكنيسة متشدّدة في هذا الموضوع، لأنها إن قبلت هذا الأمر فسيكون كما لو أنها قد قبِلَت القتل اليومي. لقد أخبرني أحد رؤساء الدول أن التراجع الديموغرافي بدأ لأنه في تلك السنوات كان هناك قانون قوي للإجهاض لدرجة أنه تم إجراء ستة ملايين عملية إجهاض وهذا الأمر قد سبب انخفاضًا في المواليد في مجتمع ذلك البلد.
لننتقل الآن إلى الشخص الذي ليس في الجماعة، والذي لا يمكنه أن يتقدّم من المناولة. هذا ليس قصاصًا، لا، أنت خارج الجماعة والمناولة هي اتحاد مع هذه الجماعة. وبالتالي فالمشكلة ليست لاهوتية، إنها رعوية، بما أننا نحن الأساقفة ندير هذا المبدأ بشكل راعوي، وإذا نظرنا إلى تاريخ الكنيسة، سنرى أنه في كل مرة يدير فيها الأساقفة مشكلة ما لا كرعاة هم يتّخذون جانبًا سياسيًّا. لنفكر في ليلة عيد القديس برتلماوس وبالهراطقة... لنفكر في القديسة جاندارك، وبمطاردة الساحرات ... في كامبو دي فيوري، وفي سافونارولا. عندما تدافع الكنيسة بشكل غير رعوي عن مبدأ ما، هي تنحاز إلى الجانب السياسي. هكذا كان الحال دائمًا، يكفي أن ننظر إلى التاريخ. ماذا يجب على الراعي أن يفعل؟ أن يكون راعياً، لا أن يدين. وراعي المحرومين أيضًا؟ نعم هو راع وعليه أن يكون راعيًا معهم أيضًا على أسلوب الله؛ وأسلوب الله هو القرب والرحمة والحنان. إنَّ الكتاب المقدس بأسره يقول ذلك. قرب نراه في سفر التثنية الذي يقول فيه لإسرائيل: "لِأَنَّهُ أَيُّ شَعْبٍ هُوَ عَظِيمٌ لَهُ آلِهَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْهُ كَٱلرَّبِّ إِلَهِنَا فِي كُلِّ أَدْعِيَتِنَا إِلَيْهِ؟". القرب والشفقة. الرب الذي يُشفق علينا. نراه في حزقيال، وكذلك في هوشع. يكفي أن ننظر إلى إنجيل يسوع وأموره. إنَّ الراعي الذي لا يعرف كيف يتعامل مع الأمور بأسلوب الله ينزلق ويتورط في أشياء كثيرة ليست للراعي. لا أريد أن أُحدِّد لأنك تحدثت عن الولايات المتحدة ولا أعرف التفاصيل جيداً، أنا أعطي المبدأ. يمكنك أن تخبرني: إذا كنت قريبًا، وحنونًا وشفوقًا مع شخص ما، هل ستمنحه المناولة؟ إنها فرضية، إنَّ الراعي يعرف ما يجب عليه أن يفعله، في جميع الأوقات. ولكن إذا خرج عن راعوية الكنيسة، فهو يصبح على الفور سياسيًا. وهذا الأمر نراه في جميع إدانات الكنيسة غير الراعوية ... مع هذا المبدأ أعتقد أن الراعي يمكنه أن يتحرك بشكل جيد. المبادئ هي من اللاهوت. العمل الرعوي هو لاهوت أيضًا والروح القدس هو الذي يقودك لكي تعيشها بأسلوب الله. وإذا قلت لي: هل يمكن منح المناولة أم لا؟ إن ما يقوله اللاهوتيون هو اجتهاد قانوني. هل تتذكر العاصفة التي عصفت بالإرشاد الرسولي "فرح الحب"، بشأن ذلك الفصل حول مرافقة الزوجين المنفصلين والمطلقين ...الحمد لله أن الكاردينال شونبورن كان حاضرًا، وهو عالم لاهوت عظيم وقد أوضح الأمور. لكن هناك على الدوام هذه الإدانة ... كفى مع هذا الحرم الكنسي، من فضلكم لا نضعنَّ أبدًا هذا الحرم بعد الآن…. مساكين هؤلاء الأشخاص إنهم أبناء الله وهم ويريدون ويحتاجون لقربنا الرعوي. ومن ثمَّ فإن الراعي يحلُّ الأمور كما يشير إليه الروح القدس.
وخلص البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول رأيه قرار البرلمان الأوروبي الذي يدعو إلى الاعتراف بزواج المثليين وعلاقات الأبوة والأمومة المتعلّقة به وقال لقد تحدثت بوضوح حول هذا الموضوع. الزواج هو سر، وليس للكنيسة قدرة على تغيير الأسرار كما وضعها الرب. هناك قوانين تحاول مساعدة مواقف العديد من الأشخاص الذين لديهم ميول جنسية مختلفة. لهذا من المهم مساعدة الناس، لكن دون فرض أشياء لا تتماشى مع الكنيسة بطبيعتها. ولكن إذا أراد الزوجان المثليان أن يعيشا معا، فإن الدول لديها الإمكانية المدنية لدعمهما، ومنحهما ضمان الميراث، والصحة، وما إلى ذلك ... لدى الفرنسيين قانون بشأن هذا، ليس فقط للمثليين جنسياً، ولكن لجميع الأشخاص الذين يريدون أن يتّحدوا معًا. لكن الزواج هو زواج. هذا لا يعني إدانتهم، لأنّهم إخوتنا وأخواتنا، ويجب علينا مرافقتهم. يجب أن نرافقهم، لكن الزواج كسر مقدس هو أمر واضح. ولكن يجب أن يكون هناك قوانين مدنية ... ثلاث أرامل، على سبيل المثال، يرغبن في العيش معًا بفضل قانون ما لكي يحصلنَ على الخدمة الصحية، ومن ثم الحصول على الميراث بعدها ... هناك الـ Pacs الفرنسي، لكن لا علاقة له بالأزواج المثليين جنسياً. يمكن للأزواج المثليين استخدامه، لكن الزواج كسر مقدس يكون بين رجل وامرأة. نعم، يجب علينا، جميعًا، أن نحترم الجميع - الرب صالح وسيخلص الجميع (...)، ويريد الرب خلاص الجميع - لكن من فضلكم لا تدعوا الكنيسة تنكر حقيقتها. يقترب الكثير من الأشخاص ذوي الميول الجنسية المثلية من سر التوبة ويطلبون المشورة من الكهنة وتساعدهم الكنيسة على المضي قدمًا في حياتهم، لكن سر الزواج هو شيء آخر.