رسالة البابا فرنسيس بمناسبة مؤتمر الأمم المتحدة للتغيّر المناخي COP26
بمناسبة انعقاد الدورة السادسة والعشرون لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في تشرين الثاني نوفمبر ٢٠٢١ في غلاسكو وجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة فيديو عبر قناة الـ "BBC" قال فيها يكشف تغير المناخ ووباء فيروس الكورونا عن الضعف الجذري لكل شخص وكل شيء ويثيران العديد من الشكوك والحيرة حول أنظمتنا الاقتصادية والطرق التي يتم بها تنظيم مجتمعاتنا. انهارت ضماناتنا، وانحلّت شهيتنا للسلطة وتوقنا إلى السيطرة.
تابع الأب الأقدس يقول وجدنا أنفسنا ضعفاء ومليئين بالمخاوف، منغمسين في سلسلة من "الأزمات": الصحية، والبيئية، والغذائية، والاقتصادية، والاجتماعية، والإنسانية، والأخلاقية. أزمات مستعرضة، مترابطة بقوة وتنذر بـ "عاصفة كاملة"، قادرة على كسر "الروابط" التي تغلف مجتمعنا داخل عطيّة الخليقة الثمينة. إنَّ كل أزمة تتطلب رؤية ومهارات تخطيط وسرعة تنفيذ وإعادة التفكير في مستقبل بيتنا المشترك ومشروعنا المشترك.
أضاف البابا فرنسيس يقول تضعنا هذه الأزمات أمام خيارات جذرية غير سهلة. في الواقع، تحتوي كل لحظة صعوبة أيضًا على فرص لا يمكننا أن نهدرها. ويمكننا مواجهتها من خلال المواقف السائدة للعزلة والحمائية والاستغلال؛ أو يمكنها أن تمثّل فرصة حقيقية للتحول، نقطة ارتداد حقيقية، ليس فقط بالمعنى الروحي. هذا المسار الأخير هو الوحيد الذي يقود نحو أفق "منير" ولا يمكن تحقيقه إلا من خلال مسؤولية مشتركة عالمية متجددة، وتضامن جديد يقوم على العدالة، والمشاركة لمصير مشترك وعلى الوعي لوحدة العائلة البشريّة ومشروع الله للعالم. إنه تحد للحضارة لصالح الخير العام وتغيير للمنظور، في العقل والنظرة، يجب أن يضع في محور جميع أعمالنا كرامة جميع الكائنات البشرية اليوم وفي المستقبل.
تابع الأب الأقدس يقول إنَّ الدرس الأهم الذي تنقله إلينا هذه الأزمات هو أنه من الضروري أن نبني معًا، لأنه لا وجود لحدود أو حواجز أو جدران سياسية يمكننا أن نختبئ خلفها. ونحن نعلم ذلك: لا يمكننا أن نخرج من أزمة ما بمفردنا. قبل أيام قليلة، في الرابع من تشرين الأول أكتوبر، اجتمعتُ مع قادة دينيين وعلماء للتوقيع على نداء مشترك يدعو إلى مزيد من العمل المسؤول بيننا وبين حكامنا. في تلك المناسبة، تأثّرتُ بشهادة أحد العلماء الذي قال: "سيتعيَّن على حفيدتي، التي ولدت لتوِّها، أن تعيش في غضون خمسين عامًا في عالم غير صالح للسكن، إذا بقيت الأمور على حالها".
أضاف الحبر الأعظم يقول لا يمكننا أن نسمح بذلك! إن التزام الجميع بهذا التغيير الملحِّ هو أمر أساسي؛ التزام يجب أن يتغذى أيضًا من إيمان المرء وروحانيته. في النداء المشترك، ذكّرنا بالحاجة إلى العمل بمسؤولية لصالح "ثقافة العناية" ببيتنا المشترك وبأنفسنا أيضًا، في محاولة للقضاء على بذور الصراع: الجشع واللامبالاة والجهل والخوف والظلم وانعدام الأمن والعنف.
وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول لم يكن لدى البشريّة من قبل الكثير من الوسائل لتحقيق هذا الهدف كما هو الحال اليوم. إنَّ صُنّاع القرار السياسي الذين سيشاركون في COP26 في غلاسكو مدعوون بشكل مُلح إلى تقديم اجابات فعالة على الأزمة البيئية التي نعيشها، وبهذه الطريقة، رجاء ملموس للأجيال القادمة. ولكن يجدر بنا جميعًا أن نكرر، أينما كنا أنّه يمكننا أن نلعب دورًا في تغيير اجابتنا الجماعية على التهديد غير المسبوق لتغير المناخ وتدهور بيتنا المشترك.