رسالة البابا إلى المشاركين في اللقاء العالمي للجان العدلة والسلام التابعة للمجالس الأسقفية حول العالم
استهل البابا رسالته موجها تحية إلى جميع المشاركين في اللقاء وخاصا بالذكر الكاردينال بيتر توركسون ومعاونيه في الدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة وشكر الدائرة على دعوتها لعقد هذا اللقاء الدولي، الذي يجري بصورة افتراضية، من أجل تقاسم الخبرات وتقييم المقترحات، خلال هذه الأزمة الصحية التي نمر بها اليوم، في ضوء الرسالتين العامتين المذكورتين آنفا.
بعدها كتب البابا أن فكره يتجه نحو البابا القديس بولس السادس، الذي وبعد انتهاء أعمال المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني قام بإنشاء "اللجنة الحبرية للعدالة والسلام"، كما قام البابا القديس يوحنا بولس الثاني بإصلاح المجلس البابوي للعدالة والسلام. وفي رسالته العامة "ترقي الشعوب" لعام ١٩٦٧، التي ما تزال آنية جدا، كتب البابا مونتيني أن السلام هو الاسم الجديد للتنمية البشرية المتكاملة. ومن هذا المنطلق، لفت البابا فرنسيس إلى أنه من بين المهام التي أُسندت إلى الدائرة الفاتيكانية لخدمة التنمية البشرية المتكاملة هي العمل من أجل العدالة والسلام، كما جاء في نظامها الداخلي.
هذا ثم عبر البابا عن ثقته بأن البابوين القديسين بولس السادس ويوحنا بولس الثاني ما يزالان يرافقان عمل لجان العدالة والسلام التابعة لمختلف المجالس الأسقفية حول العالم، وقال إن هذه اللجان تلعب دوراً لا غنى عنه، في إطار الرعوية الاجتماعية للكنائس المحلية. فمن واجب هذه اللجان أن تنشر وتعمّم العقيدة الاجتماعية للكنيسة الكاثوليكية، وأن تعمل على حماية كرامة الكائن البشري وحقوقه، مع إيلاء اهتمام خاص بالفقراء والمهمشين. وبهذه الطريقة تساهم اللجان الأسقفية في تنمية العدالة الاجتماعية والاقتصادية والإيكولوجية وفي بناء السلام.
لم تخل رسالة البابا من الإشارة إلى الرسالتين العامتين "كن مسبحا" وFratelli Tutti، وقال إنه يمكن لهاتين الوثيقتين أن تشكلا مصدر إلهام لنشاط اللجان الأسقفية وفقا للأوضاع المحلية وضمن السياقات القارية والإقليمية والوطنية. ولفت إلى أنه في مختلف أنحاء العالم يمكن تحقيق التنمية المتكاملة، وبالتالي العدالة والسلام، من خلال طريقتين فقط: الاهتمام بالبيت المشترك، ثم تعزيز الأخوة والصداقة الاجتماعية. وقال إن هذين النهجين يستمدان جذورهما من إنجيل المسيح، لكن باستطاعتنا أن نسير عليهما برفقة العديد من الرجال والنساء المنتمين إلى باقي الطوائف المسيحية، ومختلف الأديان، أو حتى أولئك الذين ليس لديهم أي انتماء ديني.
بعدها وجه البابا فرنسيس كلمة تشجيع إلى المشاركين في اللقاء العالمي وحثّهم على متابعة نشاطاتهم برجاء وحزم وإبداع. ولفت إلى صعوبة العمل ضمن السياق الحالي، المطبوع بالأزمة الصحية والاجتماعية الناتجة عن جائحة كوفيد ١٩، وعن صراعات قديمة وجديدة، في وقت يبدو أن التزام الدول حيال الأزمات التي طبعت القرن الماضي بدأ يتراجع.
وأشار الحبر الأعظم إلى أن الأزمة الحالية أماطت اللثام عن الكثير من التناقضات ضمن المنظومة الاقتصادية والسياسية، فيما لا تزال قائمة العديد من التحديات التي تتطلب التزام أطراف عدة. وتوجه إلى المشاركين في اللقاء حاثا إياهم على مواجهة هذه المشاكل، أيضا بواسطة التعاون مع مختلف البيئات الكنيسة والمدنية الملتزمة – على الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية – لصالح العدالة والسلام. في الختام كتب البابا فرنسيس أنه يوكل جميع المشاركين في اللقاء وعائلاتهم ومعاونيهم إلى حماية القديسة مريم ملكة السلام، ومنح الجميع فيض بركاته الرسولية.