البابا فرنسيس يتحدّث إلى منطقة الأبروتزو: "آتي بينكم لكي أُشجّعكم" البابا فرنسيس يتحدّث إلى منطقة الأبروتزو: "آتي بينكم لكي أُشجّعكم" 

البابا فرنسيس يتحدّث إلى منطقة الأبروتزو: "آتي بينكم لكي أُشجّعكم"

مقابلة البابا فرنسيس مع صحيفة "Il Centro" في ضوء زيارته الراعوية إلى مدينة لاكويلا يوم الأحد المقبل في الثامن والعشرين من آب أغسطس ٢٠٢٢

في غضون ثمان وأربعين ساعة، ستعيش لاكويلا يومًا تاريخيًا. صباح الأحد سيُغمر الكثيرون بالدهشة والتأثُّر لرؤية البابا فرنسيس الذي، على الرغم من معاناته، يأتي إلى لاكويلا ليلتقي بـ"قطيعه"، ويصغي إلى مخاوفه، ويهدِّء آلامه، ويتقاسم أفراحه، ويدعوه لكي يتطلع إلى المستقبل بثقة ويسامح ويغفر لنفسه وينير حياته بالرحمة. إن النتائج الروحية و"العلمانية" أيضًا – إذ أن كل شيء يتمُّ بمناسبة الغفران الكامل وفتح الباب المقدس لأول مرة من قبل الحبر الأعظم - ستظهر على المدى الطويل كما حدث، بعد زلزال عام ٢٠٠٩، مع زيارة البابا بندكتس السادس عشر. سوف يعبر البابا فرنسيس المدينة على متن سيارة الـpapamobile  وسيرافقه رئيس أساقفة لاكويلا، الكاردينال جوزيبي بتروكِّي، الذي أراد الزيارة وتلقى على الفور ردًا إيجابيًا وأبويًا. وللمناسبة وفي نهاية شهر حزيران يونيو، أرسلت صحيفة "Il Centro" إلى البابا فرنسيس، عبر القنوات الرسمية، رسالة تتضمن أربعة أسئلة حول الأهمية الروحية لزيارته الرعوية إلى لاكويلا. فيما يلي أجوبة الأب الأقدس، التي أعاد فيها البابا فرنسيس التأكيد على بعض النقاط الرئيسية لحبريَّته وأطلق رسالة تشجيع مهمة إلى جماعة لاكويلا.

في جواب على سؤال حول الزلزال الذي ضرب مدينة لاكويلا في السادس من نيسان أبريل عام ٢٠٠٩ وغيّر تاريخ المدينة وحياة العديد من الأشخاص لاسيما أنَّ الألم يطرح علينا أسئلة حول إيماننا فيما يعطينا القوّة لكي ننظر إلى الله بثقة متجددة وحول كيف يمكننا أن نولد لحياة جديدة عندما يبدو أننا قد فقدنا القديمة وقال إنَّ الألم والمعاناة هما لغز على الدوام. ولا يجب أن نفكّر أنه يكفي أن يكون لدينا بعض التفكير المقنع وأننا في مأمن من ظلام بعض الخبرات. لقد اختبر يسوع عيش هذا الظلمة، والشعور بالوحدة، والهزيمة. لكنه علمنا في الوقت عينه أنه في اللحظة التي يبدو فيها أنَّ كل شيء قد ضاع، يمكننا أن نقوم ببادرة غير متوقعة: أن نثق في الآب! "بين يديك يا رب أستودع روحي" يقول يسوع على الصليب. لا يمكن أن يكون هناك ولادة جديدة بدون بادرة الثقة هذه في من لديه القدرة على أن يمسكنا بأيدينا عندما تنهار جميع الضمانات الأخرى. يعرف المؤمن أن هذه الحياة ليست سوى "عبور"، رحلة تقودنا إلى حياة لا تزول. بدون هذا اليقين، لن يكون لأي شيء معنى، وكل شيء سيُسحق بمصير الموت. لكن هذا اليقين الداخلي هو عطيّة علينا أن نطلبها، وفي الوقت عينه علينا أن نحميها من كل ما يود إخمادها. يكفي أن نقرأ الكتاب المقدس لكي ندرك أن جميع الذين اضطروا للوقوف على أقدامهم لكي يبدؤوا من جديد قد فعلوا ذلك بدءًا من تواضع جديد، وإدراك جديد لأنفسهم. وبالتالي يمكننا أن نقول إنهم نهضوا "أكثر إنسانية" من ذي قبل.

تابع الأب الأقدس مجيبًا على سؤال حول مجيئه على لاكويلا لفتح الباب المقدس بمناسبة الغفران الكامل للبابا شيليستينوس الخامس وحول كيف يمكن للمغفرة في عالم تمزّقه الحروب أن تكون المفتاح لتغيير منظور والنظر برجاء إلى المستقبل وقال نشهد خلال هذه الأشهر الأخيرة حربًا في أوكرانيا، وإنما أيضًا العديد من النزاعات الأخرى التي لا تجد مساحة كافية في وسائل الإعلام ولكنها تصيب الآلاف من الأشخاص ولاسيما الأبرياء. لا يمكننا أن نتغلب على الشر بالشر، وإنما بالخير فقط. إن المغفرة تتطلب قوة أكبر من خوض حرب. لكن المغفرة تحتاج إلى نضج داخلي وثقافي كبير. وبالتالي أعتقد أنه علينا جميعًا أن ننمي ثقافة سلام تنبع تحديدًا من نضوج مغفرة ممكنة. بدون هذا الالتزام سنظل غارقين في منطق الشر الذي يرتبط بمنطق مصلحة الذين يستغلون هذه الصراعات لكي يغتنوا ويستغلّوا. إن المغفرة هي السلاح الوحيد الممكن ضد أي حرب وقد عرف البابا شيليستينوس الخامس كيف يجعل التواضع ومحبة الفقراء يسودان. أما اليوم، وفي العديد من طبقات مجتمعنا، نحن نركض فقط وراء الرفاهية والمال.

أضاف البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول إن كان يمكن للفقر الذي يُفهم لا كعوز كامل أن يشّكل قيمة لنا علمًا أن الكنيسة تعلمنا أنه يمكننا أن نرى يسوع في كل فقير وقال هناك فقر ناتج عن الظلم وفقر إنجيلي هو التحرر من التملك. يجب محاربة الأول بالعدالة والتضامن، أما الثاني فيجب اختياره باعتباره الطريق الذي يؤدي إلى اختبار السلام الحقيقي. في الواقع، فقط عندما لا نكون عبيدًا للامتلاك يمكننا أن نختبر تلك الحرية الداخلية التي تجعلنا نشعر بالسعادة لكل شيء في الحياة. إنَّ الفقر، حتى بالنسبة للمسيحي، ليس شعارًا وإنما هو طريقة حضور في العالم. الفقر هو موقف الشخص الحر حقًا. لقد فعلت كنيسة لاكويلا ولا تزال تفعل الكثير لكي تكون بالقرب من المتألمين والمعوزين. فمنذ الساعات التي أعقبت الزلزال كانت نقطة مرجعية أساسية. في لاكويلا لا يزال هناك العديد من المنازل والعديد من المباني المقدسة التي يتعين إعادة بنائها.

وخلص البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول التشجيع الذي يمكنه أن يقدمه للجميع لكي تكون الوحدة والتضامن ركيزة لولادة جديدة يكون هدفها الخير العام وقال أشكر كنيسة لاكويلا على الشهادة التي قدمتها عبر السنين. أشكر الرعاة الذين خلفوا بعضهم البعض، بدءًا من المونسنيور موليناري الذي عانى مباشرة من زلزال عام ٢٠٠٩، وصولاً إلى الكاردينال بتروكِّي. لكن شكري يتوجّه لجميع الكهنة والرهبان والراهبات الذين قاموا، مع العلمانيين، بإعادة بناء لم يقتصر على البيوت فحسب، وإنما على روح الشعب أيضًا. إنه في الواقع القرب، والحضور، والمشاركة، والمحبة الملموسة، والاصغاء، والحنان، والطريقة التي يجب من خلالها إعلان الإنجيل، لاسيما عندما يكون المرء قريبًا من الذين عانوا كثيرًا. لا يمكننا أن نذهب بعيدًا إلا معًا. وحدها الوحدة هي التي تجعل التغييرات الحقيقية والدائمة ممكنة. علينا أن نترك وراءنا جميع الأشياء التي تفرق بيننا وأن نقيِّم كل ما يوحدنا. بهذا الأسلوب، لن يكون الرجاء مجرد يوتوبيا، وإنما يقين يرتكز عليه المستقبل والتزام الجميع. آتي بينكم أولاً لكي أثبتكم في رجاء يسوع المصلوب والقائم من الموت! لكني آتي أيضًا لكي أشجعكم على تقدير الرسالة التي تركها البابا شيليستينوس للكنيسة بأكملها. إن التواضع والمحبة والقرب والمغفرة والرحمة، جميع هذه الأمور هي أجمل طريقة لإعلان الإنجيل لرجال ونساء اليوم وفي جميع العصور.

26 أغسطس 2022, 12:35