البابا فرنسيس يوجه رسالة إلى العاملين في الأمانة الفاتيكانية للاقتصاد
وجه البابا فرنسيس رسالة إلى العاملين في أمانة الاقتصاد الفاتيكانية وذلك عقب لقائه معهم في شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وفي بداية رسالته أشار قداسته إلى فرحه للقاء العاملين في الأمانة وذلك بعد عشر سنوات من إطلاق الإصلاح الاقتصادي في الكرسي الرسولي وتأسيس أمانة الاقتصاد. وتحدث البابا عما يمكن لمسه من تطور في هذا المجال وشَكر العاملين في الأمانة على عملهم وأراد توجيه الشكر أيضا إلى العميد الأول للأمانة الكاردينال جورج بيل ثم أشار إلى عمل مَن خلف الكاردينال خاصا بالذكر الأب خوان أنطونيو غيريرو.
ثم تابع الأب الأقدس رسالته مشددا على ضرورة الوعي بأن مسيرة الإصلاحات الاقتصادية لم تكتمل بعد، بل لقد بدأت للتو، قال البابا. وتحدث هنا عن دينامية الكنيسة وضرورة أن تتكيف مع تغير الأزمنة، وذلك كي تحمل عزاء رسالة الإنجيل إلى كل مكان مع اهتمام خاص بأكثر الأشخاص ضعفا. وفي حديثه عن الإصلاح قال قداسة البابا إنه لا يعني التغيير لإظهار أن الأمور تشير بشكل مختلف مقارنة بالماضي، فالتغيير هو بالأحرى تجدد وظيفي يجيب على الضروريات، أي أنه قد يكون جذريا في بعض الحالات أو مجرد تكييف لما يسير بشكل جيد في حالات أخرى. وشدد قداسته هنا على ضرورة متابعة تبعات التغيرات حيث يمكن القيام باختيارات قابلة للتصحيح لاحقا وذلك من منظور التحسين المتواصل.
وتابع البابا فرنسيس متحدثا عن كون الاقتصاد في خدمة الرسالة وأضاف أن جميع العاملين في أمانة الاقتصاد هم جزء من الرسالة وذلك لأن الإدارة الجيدة للخيور واستخدامها يشكلان شهادة مقدَّمة إلى الجميع حول إمكانية القيام بأشياء كثيرة من خلال القليل. وأضاف البابا أن العاملين في الأمانة قد اختاروا المشاركة في هذه الخدمة، وأشار هنا إلى تغير النظرة إلى كلمة خدمة حيث يربطها البعض بالخادم وبالعبد في مراحل سابقة بينما تم استخدام هذه الكلمة في بعض الأحيان لإظهار ما يتم تقديمه من خدمة ولطلب تقدير لهذا العمل. ولكن لا علاقة لكل هذا بخدمة الكنيسة، واصل البابا فرنسيس، ودعا الجميع إلى التفكير في دور والد إزاء ابنه، أي قيام رجال ونساء من خلال محبة مجانية بكل ما هو ضروري لدعم نمو الأبناء والعائلة. وقال للعاملين في الأمانة إن عملهم ورسالتهم من وجهة النظر هذه هما خدمة مقدَّمة إلى الكوريا وبالتالي إلى الكنيسة بكاملها.
وجه الأب الأقدس بعد ذلك الدعوة إلى العاملين جميعا من أجل الثبات في أمانتهم للرسالة، والعمل بتنبه في أداء مهمتهم الحساسة والتي يتعرضون فيها إلى خطر ارتكاب أخطاء يجب تفاديها ما بين صغيرة أو كبيرة. شدد قداسته من جهة أخرى على أهمية التحلي بالقدرة على الإصغاء وجعل الآخرين يصغون إليهم، وأن يكونوا مستعدين للرد على من يلجأ إليهم، وتحدث البابا عن أهمية العمل على دعم المبادرات التي تتألف منها الرسالة مع التفكير دائما في الخير العام. أكد الأب الأقدس أيضا ضرورة التحلي بشجاعة أن يقولوا لا في حال وجدوا أمورا تخون الرسالة وحين تغلب المصلحة الشخصية على تلك الجماعية أو حين يتم انتهاك القواعد أو التحايل لعدم تطبيقها من أجل أهداف لا علاقة لها بأهداف الكرسي الرسولي والكنيسة.
ومن بين ما أشار إليه البابا فرنسيس في رسالته العجز المالي الذي يسجَّل لدى الكرسي الرسولي مضيفا أن الموارد محدودة وشدد بالتالي على ضرورة الوعي بهذا الأمر على المستويات كافة وأن نتحلى جميعا بالمسؤولية للحفاظ على خيورنا من أجل ضمان الموارد الضرورية لمواصلة المسيرة، وذلك أيضا لمن يأتي بعدنا. وشدد على ضرورة أن يتحلى الجميع بروح الخدمة مانحين الأولوية للصالح العام لا للمصالح الفردية. وتابع قداسته مشيرا إلى ما يحتاج هذا من أشخاص جدد وأيضا أشخاص متجددين في الروح وفي الاحترافية. كما وتحدث البابا فرنسيس في ختام رسالته عن ضرورة الاهتمام بالخيور والحفاظ عليها من أجل المستقبل ولكن بدون التخلي عن القيام برسالتنا اليوم، وأن نستثمر بانتباه وبشكل أخلاقي. كما وشدد قداسته على أن الميزانيات و الموازنات لا يجوز أن تكون مجرد ممارسات حسابية، بل يجب أن تعكس الجهود من أجل مرافقة رسالة الجميع وتوزيع الموارد حسب الاحتياجات الفعلية، وحتى مطالبة البعض عند الضرورة بتقاسم الموارد مع الآخرين، وهنا من الأهمية بمكان أن يلمس الجميع دعم أمانة الاقتصاد لهم وأن يجدوا لديها الإصغاء والمساعدة والقدرة على تفعيل القواعد التي تم وضعها أو تلك التي سنضعها.