كلمة البابا إلى المشاركين في أعمال الجمعية العامة للدائرة الفاتيكانية للعبادة الإلهية وتنظيم الأسرار
استهل البابا كلمته مرحباً بضيوفه ومعربا عن سروره للقائهم في الفاتيكان وحيا الكاردينال العميد وأعضاء الدائرة والمستشارين وجميع من يتعاونون معها. ولفت فرنسيس بعدها إلى أنه بعد مضي ستين عاما على صدور الدستور حول الليتورجيا المقدسة Sacrosanctum Conciliumما تزال الكلمات الواردة فيه تولد حماسة في النفوس، إنها الأهداف التي تعكس رغبة واضحة في إصلاح الكنيسة في أبعادها الأساسية، أي جعل الحياة المسيحية للمؤمنين تنمو يوما بعد يوم، وجعل المؤسسات تتكيف بشكل أفضل مع أزمتننا، وتسهيل كل ما من شأنه أن يحقق الوحدة بين المؤمنين بالمسيح، وتعزيز كل شيء يساهم في دعوة الجميع إلى أحضان الكنيسة. ولفت البابا إلى أن هذا هو عبارة عن عمل من التجدد الروحي والرعوي والمسكوني والإرسالي. وقد أدرك جيدا آباء المجمع من أين ينبغي أن يطلقوا، أي من إصلاح وتعزيز الليتورجيا، لأنه بدون إصلاح الليتورجيا لن يتحقق إصلاح الكنيسة. بعدها شاء الحبر الأعظم أن يسلط الضوء على ضرورة فهم الليتورجيا من وجهة النظر اللاهوتية، موضحا أن الكنيسة التي لا تشعر بشغف النمو الروحي، ولا تسعى إلى تكلم لغة مفهومة مع أناس زمنها، ولا تشعر بالألم حيال انقسام المسيحيين، ولا تحركها الرغبة الشديدة في إعلان المسيح على الأمم هي كنيسة مريضة. وأشار فرنسيس في هذا السياق إلى ضرورة أن تنتمي الكنيسة بالكامل إلى المسيح، كي تتماهى معه تماما. من هذا المنطلق شاء آباء المجمع أن يضعوا الليتورجيا في المحور لأنها بامتياز المكان حيث يلتقي المؤمنون بالمسيح الحي. وذكّر بأن الهدف من إصلاح الليتورجيا – في إطار تجديد الكنيسة – يكمن في تفعيل تنشئة المؤمنين وتعزيز العمل الرعوي لتكون الليتورجيا المقدسة ذروته ومصدره. في هذا السياق أكد البابا أنه من الأهمية بمكان أن تقوم تنشئة ليتورجية والتي تشكل في هذه الأيام محور نقاشات الجمعية العامة للدائرة الفاتيكانية للعبادة الإلهية وتنظيم الأسرار. وقال إن الأمر لا يمكن أن يقتصر على نشاط عدد قليل من الخبراء، بل ينبغي أن يشمل شعب الله كلَّه. لذا لا بد من إعطاء الأولوية لتنشئة الأشخاص المكرسين الذين يقودون المؤمنين نحو معرفة الأسرار المقدسة. وشجع فرنسيس ضيوفه على متابعة التزامهم في هذا المجال كي يعرف الرعاة كيف يرافقون شعب الله نحو المراعي الخصبة للاحتفالات الليتوجية حيث يصبح إعلان المسيح المائت والقائم من الموت خبرة ملموسة لحضوره الذي يبدل حياة الأشخاص. ولفت في هذا السياق إلى ضرورة قيام تعاون بين مختلف الدوائر الفاتيكانية لاسيما مع دائرة الثقافة والتربية، ودائرة الإكليروس، ودائرة معاهد الحياة المكرسة وجمعيات الحياة الرسولية، كي تقدم كل دائرة إسهامها في هذا المجال. لم تخلُ كلمات البابا من الإشارة إلى أهمية مسارات التنشئة الموجهة لشعب الله، بالإضافة طبعا إلى تلك الموجهة إلى خدام الكنيسة. وقال إن هذه المسارات تشكل أول فرصة ملموسة للتنشئة الليتورجية، ناهيك عن مناسبات أخرى تفسح المجال أمام الأشخاص للمشاركة في الاحتفالات والتحضير لها وأضاف أن فكره يتجه نحو الاحتفال بأعياد القديسين، وباقي الأسرار المسيحية، والتي – إذا تم الإعداد لها باهتمام رعوي – تشكل فرصة ملائمة لإعادة اكتشاف معنى الاحتفال بسر الخلاص والتعمق فيه. هذا ثم توقف البابا فرنسيس عند كلمات الرب يسوع لتلميذيه "اذهبا وأعدا لنا الفصح"، وأكد أن هذه العبارات التي تُلهم تأملاتنا في هذه الأيام تعكس رغبة الرب في أن نجتمع حول المائدة نفسها، مائدة جسده ودمه. ومن الأهمية بمكان أن تصلنا هذه الدعوة كاستجداءٍ مُحب: أن نلتزم في التنشئة الليتورجية يعني الاستجابة لهذه الدعوة، كي نتمكن من "أكل الفصح" ومن عيش وجود فصحي، شخصي وجماعي. في ختام كلمته إلى المشاركين في أعمال الجمعية العامة للدائرة الفاتيكانية للعبادة الإلهية وتنظيم الأسرار قال البابا لضيوفه إن الواجب الذي يقومون به عظيم وجميل في الآن معا، لكونهم يسعون إلى جعل شعب الله يعي ويفرح باللقاء مع الرب من خلال الاحتفال بالأسرار المقدسة وبواسطة هذا اللقاء ينال الحياة باسمه. بعدها شكر فرنسيس ضيوفه على التزامهم ومنحهم بركته الرسولية طالباً منهم أن يصلوا من أجله. |