البابا يستقبل المشاركين في اللقاء السنوي لمنسقي جمعيات المؤمنين والحركات الكنسية والجماعات الجديدة
استهل البابا كلمته مرحباً بالحاضرين الذين اختاروا "السينودسية" موضوعاً للقائهم السنوي هذا العام، وذكّر في هذا السياق بأن المسيرة السينودسية تتطلب ارتداداً روحياً، لأنه بدون التبدل الداخلي لا يتم التوصل إلى نتائج مستدامة. وقال فرنسيس إنه يود أن تبقى السينودسية طريقة للعمل الدائم للكنيسة وعلى مختلف الأصعدة، وأن تلج قلب جميع الرعاة والمؤمنين لتتحول إلى "نمط كنسي" متقاسم، موضحا أن هذا الأمر يتطلب ارتدادا من طرف كل واحد منا. من هذا المنظار شاء البابا أن يتوقف عند ثلاثة مواقف، والتي هي عبارة عن فضائل سينودسية التي يمكن أن نستخلصها من رواية القديس مرقس بشأن إعلان المسيح عن آلامه وموته، ألا وهي: التفكير بحسب الله، تخطي الانغلاق وتنمية التواضع. في سياق حديثه عن التفكير بحسب الله، أكد الحبر الأعظم أنه بعد إعلان الرب عن آلامه وموته بدأ بطرس يوبخ يسوع، مع أنه كان يتعين عليه أن يكون قدوة لباقي التلاميذ، وأن يضع نفسه تماماً في خدمة المعلم، فوقف في وجه مخططات الله، رافضاً الآلام والموت، فقال له يسوع إنه لا يفكر بحسب الله بل بحسب البشر. وأشار فرنسيس إلى أن هذا هو أول تبدل داخلي يُطلب منا، أي الانتقال من أفكار البشر إلى فكر الله. واعتبر البابا أن الكنيسة مدعوة إلى مساءلة نفسها عما إذا كانت تتصرف بحسب تفكير الله قبل أن تتخذ أي قرار وأي مبادرة، مذكرا بأن الروح القدس هو من يقود المسيرة السينودسية، وهو وحده من يعلمنا الإصغاء إلى صوت الله، فردياً أم جماعياً. وأوضح البابا في هذا السياق أن الله هو أكبر من أفكارنا، ومن الذهنية لمهيمنة، ولا بد أن نرتقي بأنفسنا نحو الارتداد، نحو التفكير بحسب الله، لا بحسب البشر، وهذا هو التحدي الأول. تابع البابا كلمته متوقفاً عند النقطة الثانية ألا وهي تخطي الانغلاق. ولفت إلى أنه بعد أن أعلن الرب للمرة الثانية عن آلامه وموته، حاول القديس يوحنا أن يقف في وجه رجل يمارس طرد الأرواح باسم يسوع مع أنه لم يكن ينتمي إلى حلقة التلاميذ، بيد أن الرب لم يوافق على هذا الأمر وقال ليوحنا من ليس ضدنا فهو معنا، ثم دعا الرسل إلى التيقظ كي لا يكونوا حجر عثرة بالنسبة للآخرين. وحذّر البابا في هذا السياق من الانغلاق ضمن الدائرة الضيقة، ومن عدم الخروج عن نمط تفكير دائرتنا المغلقة، وشجع ضيوفه على عدم الخوف من فقدان شعور الانتماء إلى جماعة ما، إذ لا بد من الانفتاح على الآخرين وعلى أنماط مختلفة من التفكير. وأكد أن السينودسية تتطلب منا النظر بعيداً كي نرى حضور الله وعمله في الأشخاص الغرباء، في إطار مهام لم نقم بها من قبل. وهذا يتطلب أن نشعر بآلام ومعاناة الأخوة والأخوات في الإيمان وجميع الأشخاص من حولنا. بعدها توقف البابا عند النقطة الثالثة والأخيرة ألا وهي تنمية التواضع، مشيرا إلى أنه بعد أن أعلن الرب للمرة الثالثة عن آلامه وموته راح يعقوب ويوحنا يطلبان مكانة مميزة لهما إلى جانب يسوع، بيد أن الرب ذكرهما وذكّر الباقين بأن العظمة لا تكمن في أن نُخدم بل في أن نَخدم الآخرين، لأن هذا ما جاء الرب نفسه ليفعله. في هذا السياق شدد فرنسيس على أن الارتداد الروحي ينطلق من التواضع الذي هو مدخلُ جميع الفضائل، داعياً الحاضرين إلى مساءلة أنفسهم عما يريدون حقاً من علاقتهم مع الأخوة في الإيمان، وشجعهم على الارتداد إلى التواضع إذا ما شعروا أن الغرور والكبرياء يتغلغلان إلى قلبوهم. ولفت فرنسيس إلى أن المتواضعين فقط يستطيعون القيام بأعمال عظيمة داخل الكنيسة، لأن الشخص المتواضع يملك أسساً صلبة ترتكز إلى محبة الله. وهذا أمر أساسي من أجل بناء كنيسة سينودسية، كما أن المتواضعين يدافعون عن الشركة في الكنيسة ويتفادون الانقسامات ويساهمون في إطلاق مشاريع متقاسمة، لأنهم يجدون في الخدمة فرحاً. ومن هذا المنطلق إن عيش السينودسية يكون مستحيلاً بدون تواضع. في ختام كلمته إلى المشاركين في اللقاء السنوي لمنسقي جمعيات المؤمنين والحركات الكنسية والجماعات الجديدة تمنى البابا أن تكون الأفكار التي طرحها مفيدة لمسيرة ضيوفه وجمعياتهم وحركاتهم وأن تعود بالفائدة أيضا على علاقاتهم مع الرعاة. وأمل أن يساعدهم هذا اللقاء على تثمين المواهب الخاصة بكل فرد وجماعة من منظار كنسي، كي يقدموا إسهامهم السخي والقيم للكرازة بالإنجيل، المهمة التي دُعينا جميعا إلى القيام بها. هذا ثم منح البابا الجميع بركاته الرسولية. |